الاستظهار والتبرك بالمرويّ فحسن ، وإن كان يرى أن من قبله أغفل شيئا وجب عليه استدراكه فليس كما رأى» (١). ا ه
وقال «أبو حيّان» في شرح التسهيل (٢) : قد أكثر المصنف من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب. وما رأيت أحدا من المتقدمين والمتأخرين سلك هذه الطريقة غيره ، (٣) على أن الواضعين الأوّلين لعلم النحو ، المستقرئين للأحكام من لسان العرب ـ كأبي عمرو بن العلاء ، وعيسى بن عمر ، والخليل ، وسيبويه من أئمة البصريين ، والكسائي ، والفراء ، وعلى بن المبارك الأحمر ، وهشام الضرير ، من أئمة الكوفيين ـ لم يفعلوا ذلك ، وتبعهم على ذلك المسالك المتأخرون من الفريقين ، وغيرهم من نحاة الأقاليم ، كنحاة بغداد ، وأهل الأندلس.
قال «عبد القادر البغدادي» في «خزانة الأدب» ١ : ٥ : «وقد جرى الكلام في ذلك مع بعض المتأخرين الأذكياء ، فقال : إنما تر ك العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذ لو وثقوا بذلك لجرى مجرى القرآن الكريم في إثبات القواعد الكلية ، وإنما كان ذلك لأمرين :
أحدهما : أن الرواة جوزوا النقل بالمعنى ، فتجد قصة واحدة قد جرت في
__________________
(١) قد حاول «ابن الضائع» أن يفسّر بعض جوانب هذا الاتجاه بأن الاستشهاد بالحديث نحو من التبرك بالمروي ، وقد كان من الممكن أن يصلح هذا التفسير لو أن الأحاديث المستشهد بها لم تكن الشواهد الوحيدة في موضوعها. أما وهي عند «ابن مالك» و «ابن هشام» و «الرضي» تنطق كشواهد بقواعد لا يؤيّدها فيها غيرها ، فإن مثل هذا التعليل يقصر عن تفسير هذا الاتجاه بأسره ، ويعد من قبيل الهرب عن التناول الموضوعي للقضية. «أصول التفكير النحوي» ١٤٠.
(٢) نقل «السيوطي» في «الاقتراح» ٥٢ قول «أبي حيان» هذا.
(٣) جعل الدكتور مهدي المخزومي «أبا حيان» من المستشهدين بالحديث مطلقا ، ولا شك في أن ذلك وهم لم يقل به أحد. وهذا نصه في كتابه «مدرسة الكوفة» ٦١ : «ولا يسع الدارس إلا الاطمئنان إلى سلامة ما ذهب إليه «ابن مالك» ومن شايعه في اعتبار الأحاديث من المصادر التي يعتمد اللغويّ والنحويّ عليها ، على أن بعض النّحاة قد وقف بين الفريقين ، بين الفريق المانع مطلقا وهم النحاة الأولون ، والفريق المثبت مطلقا ، وهم «ابن مالك» و «أبو حيان» ومن تابعهما ...».