فكرة التحرز الديني في ترك الاحتجاج بالحديث فكرة غير مقنعة :
جاء في كتاب «الرواية والاستشهاد باللغة»
ص : ١٣٦ ـ ١٣٧ ، ٢٥٩ ـ ٢٦٠ تعليله في صرف النحاة أنفسهم عن الاستشهاد بالقرآن والحديث في أنهم تحرجوا من استخدامهما في دراستهم.
ووقف «التحرز الديني» بينهم وبين الإفادة منهما ...
إذ نظروا إلى نصوص القرآن والحديث نظرة تقديس وتنزيه ، فانصرفوا عنهما في الدراسة والاستدلال عليها بفعل «التحرز الديني» وحين تناولوا نصوص القرآن والحديث بعد ذلك بالتفسير والإعراب ، صاحبتهم تلك الرهبة نفسها ، وبخاصة مع نص القرآن ...
قال المؤلف : أما ما ارتآه المتأخرون من تعلّات بعد ذلك لما انتهجه السابقون من النحاة من أن ذلك الانصراف عن الحديث كان بسبب الرواية بالمعنى أو اللحن في المتن ، فإن ذلك كله لا يثبت أمام الواقع التاريخي المبكر من رواية الحديث وجمعه ...
هذه التعليلات غير مقنعة!! وإنما المقنع حقا الاعتراف بحقيقة الأمر الذي صرفهم عن هذه النصوص الموثقة ، وحقيقة الأمر ـ إن لم يجانبني الصواب ـ كان «التحرز الديني» تماما كما حدث في القرآن ...
أقول ـ وبالله التوفيق ـ إن فكرة التحرز الديني ، ونظرة التقديس والتنزيه فكرة غير مقنعة ، فالنحاة قاطبة استدلوا بالقرآن الكريم دون تردد فيه ، فقد بلغت شواهد «سيبويه» القرآنية / ٣٧٣ / آية ، وشواهد «المقتضب» لـ «المبرد» تجاوزت خمسمائة آية. وقد استشهدت المصنفات النحوية بالقرآن الكريم باستفاضة ، كمصنفات «ابن جني» ـ ٣٩٢ ه ، و «الزمخشري» ـ ٥٣٨ ه ، و «ابن يعيش» ـ ٦٤٣ ه ، و «الزنجاني» ـ ٦٦٠ ه ، و «ابن مالك» ـ ٦٧٢ ه ، و «الرضي» ـ ٦٨٦ ه ، و «ابن هشام» ـ ٧٦١ ه ، و «ابن عقيل» ـ ٧٦٩ ه ، وغيرهم.