رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في حين يستشهدون بكلام أجلاف العرب. كما عارض المجيزين مطلقا ، دون تفرقة ، كـ «ابن مالك» وقال : لأنه لم يفضّل هذا التفصيل الضروريّ ، الذي لا بد منه ، وبنى الكلام على الحديث مطلقا ، ثم قال : والحق أن «ابن مالك» غير مصيب في هذا ، فكأنه بناه على امتناع نقل الحديث بالمعنى ، وهو قول ضعيف.
ونلاحظ أن «الشاطبي» قسّم الأحاديث ، إلى قسمين :
القسم الأول : ما يعتني ناقله بمعناه دون لفظه ، وهذا لم يقع به استشهاد أهل اللسان.
القسم الثاني : عرف اعتناء ناقله بلفظه ، لمقصود خاص ، كالأحاديث التي قصد بها فصاحته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ككتابه لهمدان ، وكتابه لوائل بن حجر ، والأمثال النبوية. وهذا القسم يصح الاستشهاد به في النحو.
وكان هذا التقسيم الذي قدّمه «الشاطبي» الأساس الذي بنى عليه المعاصرون موقفهم من حجية الحديث ، فالشيخ «محمد الخضر حسين» (١) يأخذ بهذا التقسيم ، ثم يضيف إليه قسما ثالثا ، هو ـ في الواقع ـ تفصيل لما أجمل «الشاطبي».
وقد (٢) عالج هذا الموضوع في «مجلة مجمع اللغة العربية» على خير ما يعالجه عالم ثبت متروّ ، وقاض منصف ، وانتهى من بحثه إلى النتيجة المرضية الآتية :
من الأحاديث ما لا ينبغي الاختلاف بالاحتجاج به في اللغة و (القواعد) ، وهو ستة أنواع :
__________________
(١) عالم جليل ، وأديب باحث ، من أعضاء المجمعين العربيّين بدمشق والقاهرة ، تخرّج بجامع الزيتونة ، ودرّس فيه ، وفي الأزهر ، وقد عمل مصححا في دار الكتب المصرية خمس سنوات ، وتولى مشيخة الأزهر ، وترأس تحرير مجلة «نور الإسلام» الأزهرية ، ومجلة «لواء الإسلام». كان هادئ الطبع وقورا ، وقد خصّ قسما كبيرا من وقته لمقاومة الاستعمار ، وانتخب رئيسا لجبهة الدفاع عن شمال إفريقية في مصر. له تآليف مفيدة ، منها : «الدعوة إلى الإصلاح» ، و «رسائل الإصلاح» ، و «نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم» ، و «نقض كتاب في الشعر الجاهلي» توفي سنة ١٣٧٧ ه. «الأعلام» ٦ : ١١٤.
(٢) من هنا من «في أصول النحو» ٥٥.