أولها : ما يروى بقصد الاستدلال على كمال فصاحته ـ عليهالسلام ـ ، كقوله : «حمي الوطيس» (١) ، وقوله : «مات حتف أنفه» ، وقوله : «الظلم ظلمات يوم القيامة» (٢) ، إلى نحو هذا من الأحاديث القصار المشتملة على شيء من محاس البيان ، كقوله : «فارجعن مأزورات غير مأجورات» ، (٣) وقوله : «إنّ الله لا يملّ حتى تملّوا» (٤).
ثانيها : ما يروى من الأقوال التي يتعبّد بها ، أو أمر بالتعبد بها ، كألفاظ القنوت والتحيات ، وكثير من الأذكار والأدعية التي كان يدعو بها في أوقات خاصة. (٥)
ثالثها : ما يروى على أنه كان يخاطب كل قوم من العرب بلغتهم. ومما هو ظاهر أن الرواة يقصدون في هذه الأنواع الثلاثة إلى رواية الحديث بلفظه.
رابعها : الأحاديث التي وردت من طرق متعددة ، واتحدت ألفاظها فإن اتحاد الألفاظ مع تعدد الطرق دليل على أن الرواة لم يتصرفوا في ألفاظها ، والمراد أن تتعدد طرقها إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو إلى الصحابة أو إلى التابعين الذين ينطقون الكلام العربي فصيحا.
خامسها : الأحاديث التي دوّنها من نشأ في بيئة عربية لم ينتشر فيها فساد اللغة ، ك : «مالك بن أنس» ، و «عبد الملك بن جريج» و «الشافعي».
__________________
(١) قطعة من حديث أخرجه «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب الجهاد والسّير ـ باب في غزوة حنين) ٥ : ١٦٧ و «أحمد» في «مسنده» ١ : ٢٠٧.
(٢) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب المظالم ـ باب الظلم ظلمات يوم القيامة) ٣ : ٩٩ ، من حديث «عبد الله بن عمر» ـ رضياللهعنهما ـ.
(٣) أخرجه «ابن ماجه» في «سننه» في (كتاب الجنائز ـ باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز) ١ : ٥٠٣ ، من حديث «علي» ـ رضياللهعنه ـ.
(٤) هذا قطعة من حديث «عائشة» ـ رضياللهعنها ـ رواه «البخاري» في «صحيحه» في كتاب اللباس ـ باب الجلوس على الحصير ونحوه) ٧ : ٥٠ ، و «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب صلاة المسافرين ـ باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره) ٢ : ١٨٩ ، وانظر «فتح الباري» ١٠ : ٣١٤.
(٥) قال «ابن حجر» في «فتح الباري» ٨ : ٣٠٤ : «الأقوال المنصوصة إذا تعبّد بلفظها لا يجوز تغييرها ولو وافق المعنى ...».