وقد يفعل مثل هذا بجواب الشرط ، كقولك : (من قصدني فقد قصدني) أي : فقد قصد من عرف بإنجاح قاصده.
وقال غيره : إذا اتحد لفظ المبتدأ والخبر ، والشرط والجزاء علم منهما المبالغة إما في التعظيم ، وإما في التحقير. (١)
(المسألة الثانية) أورد «ابن مالك» (٢) إشكالا في تأنيث «دنيا» مع كونه منكرا ، فكان حقه ألّا يستعمل كما لا يستعمل : «قصوى» و «كبرى». فقال : «دنيا» في الأصل مؤنث «أدنى» ، و «أدنى» أفعل تفضيل ، وأفعل التفضيل إذا نكر لزم الإفراد والتذكير ، وامتنع تأنيثه وتثنيته وجمعه.
إلا أن «دنيا» خلعت عنه الوصفية غالبا ، وأجريت مجرى ما لم يكن قط وصفا ، مما وزنه «فعلى» كرجعى وبهمى.
وفي وروده منكرا مؤنثا قول «الفرزدق» :
لا تعجبنّك دنيا أنت تاركها |
|
كم نالها من أناس ثم قد ذهبوا (٣) |
قال «الشاطبي» في مقدمة كتابه «المقاصد الشافية» :
... وإنما أتى الناظم بفعل (أحمد ربي) ... لئلا يكون كلامه أجذم عن البركة والخير على ما جاء في الحديث.
خرّج «أبو داود» عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم» وفي لفظ «النسائي» : «كل أمر لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع» (٤).
__________________
(١) «فتح الباري» ١ : ١٦ ، و «مغنى اللبيب» : ١٣٢ ، و «همع الهوامع» (مبحث الجوازم) ٤ : ٣٢٦.
(٢) «شواهد التوضيح والتصحيح» (البحث الخامس والعشرون) : ٨٠.
(٣) مطلع قصيدة يهجو بها «الطرمّاح».
(٤) يروى أجذم ، وأقطع ، وأبتر.
وله ألفاظ أخر أوردها الحافظ «عبد القادر الرهاوي» في أول الأربعين البلدانية. انظر «التلخيص الحبير» ٣ : ١٧٤ ، و «ابن ماجه» في «سننه» في (كتاب النكاح ـ باب خطبة النكاح) رقم ١٨٩٤ ، و «مسند أحمد» ٢ : ٣٥٩.