ومما يلحق بالمثنى ما يصلح للتجريد ، ولا يختلف معناه ، بمعنى أنه مساو لمفرده (١) ، مثل «حوالينا» (٢) ، تقول : نزل فلان حولنا وحوالينا. وفي الحديث : «حوالينا ولا علينا» (٣).
وفي «بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني» ٦ : ٢٣٨ : «حوالينا» قال الحافظ : بفتح اللام ، وفيه حذف تقديره : اجعل ، أو أمطر ، والمراد به صرف المطر عن الأبنية والدور. (ولا علينا) بيان للمراد بقوله : «حوالينا».
قال «الطيبي» : في إدخال «الواو» هنا معنى لطيف ، وذلك أنه لو أسقطها لكان مستسقيا للآكام وما معها فقط ، ودخول «الواو» يقتضي أن طلب المطر على المذكور ليس مقصودا لعينه ، ولكن ليكون وقاية من أذى المطر ، فليست الواو مخلصة للعطف ، ولكنها للتعليل ، وهو كقولهم : «تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها» (٤) ، فإن الجوع ليس مقصودا لعينه ، ولكن لكونه مانعا عن الرضاع بأجرة إذا كانوا يكرهون ذلك أنفا. ا ه
__________________
(١) انظر «شرح الشاطبي» (مبحث المثنى) و «الكافي شرح الهادي» ٤٩٠ ، و «همع الهوامع» مبحثي (المثنى) و (المفعول فيه).
(٢) وفي «اللسان» (حول) : قال «الأزهري» : يقال : رأيت الناس حواله ، وحواليه ، وحوله ، وحوليه.
فحواله وحدان حواليه ، وأما حوليه فهي تثنية حوله. وفي حديث الاستسقاء : «اللهم حوالينا ولا علينا» ، يريد اللهم أنزل الغيث علينا في مواضع النبات ، لا في مواضع الأبنية. من قولهم : رأيت الناس حواليه ، أي : مطيفين به من جوانبه.
(٣) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الاستسقاء) ٧ : ٩٥ ، و «ابن ماجه» في «سننه» في (كتاب إقامة الصلاة ـ باب ما جاء في الدعاء في الاستسقاء) ١ : ٤٠٤.
و «أحمد» في «مسنده» ٣ : ١٠٤ ، ١٨٧ ، ١٩٤ ، ٢٦١ ، ٢٧١ ، ٤ : ٢٣٦.
وانظر «فتح الباري» ١٠ : ٥٠٤.
(٤) مثل يضرب في صيانة الرجل نفسه عن خسيس مكاسب الأموال.
انظر «الفاخر» : ١٠٩ ، و «مجمع الأمثال» ١ : ٢١٥.