مسألة (١٠)
في اجتماع ضميرين هل الأولى اتصالهما أو انفصالهما (١)
قال «ابن مالك» : إن كان الفعل من باب «كان» واتصل به ضمير رفع ، جاز في الضمير الذي يليه الاتصال ، نحو : (صديقي كنته) ، والانفصال ، نحو : (صديقي كنت إياه). والاتصال عندي أجود ، لأنه الأصل ، وقد أمكن لشبه «كنته» بـ «فعلته». فمقتضى هذا الشبه أن يمتنع : كنت إياه ، كما يمتنع :
فعلت إياه ، فإذا لم يمتنع فلا أقل من أن يكون مرجوحا. وجعله أكثر النحويين راجحا. وخالفوا القياس والسماع ، أما مخالفة القياس فقد ذكرت.
وأما مخالفة السماع فمن قبل أن الاتصال ثابت في أفصح الكلام المنثور ، كقول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لعمر ـ رضياللهعنه ـ : «إن يكنه فلن تسلّط عليه ، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله» (٢) وكقول بعض العرب : (عليه رجلا ليسني).
وفي أفصح الكلام المنظوم ، كقول أبي الأسود الدؤلي :
فإلّا يكنها أو تكنه فإنّه |
|
أخوها غذته أمّه بلبانها |
__________________
(١) موارد المسألة : «شواهد التوضيح» ٢٧ ، ٣٠ ، و «شرح ابن الناظم» ٢٤ ، و «شرح الشاطبي» (الضمير) ، و «شرح الأشموني» ١ : ١٨١ ، و «أوضح المسالك» ١ : ٧٣ ، و «شرح شذور الذهب» ١٨٨ ، و «همع الهوامع» في مبحث (كان وأخواتها) و (الجوازم).
(٢) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الجنائز ـ باب إذا أسلم الصبيّ فمات هل يصلى عليه) ٢ : ٩٦ ، و «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب الفتن وأشراط الساعة ـ باب ذكر ابن صياد) ٨ : ١٩٢ ، وانظر «فتح الباري» ٣ : ٢١٨.
وقال «الشاطبي» في هذه المسألة : الاتصال ثابت نظما ونثرا ، فمن النثر ما في الحديث من قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لعائشة ـ رضياللهعنها ـ :
«إياك أن تكونيها يا حميراء» ...
ونسب «ابن منظور» في «اللسان» (مادة : حمر) هذا الحديث لعليّ ـ كرم الله وجهه ـ والحميراء : البيضاء ، تصغير الحمراء.
والحميراء : البيضاء ، تصغير الحمراء. وانظر «المستدرك» لـ «الحاكم» ٣ : ١١٩ ، وتعليق المحقق البارع الشيخ «عبد الفتاح أبو غدة» على كتاب «المنار المنيف في الصحيح الضعيف» : ٦٠ تظفر بتحرير دقيق فيما يتعلّق بالأحاديث التي فيها «يا حميراء» فمنها الصحيح ومنها العليل.