وأورد «الشاطبي» شاهدا من النثر الحديث النبوي : «كن أبا خيثمة فكانه» (١).
ويفيد «ابن مالك» أنه إذا تعلّق بالفعل ضميران ، فإن اختلف الضميران بالرتبة ، وقدم أقربهما رتبة ، جاز اتصال الثاني وانفصاله ، نحو : أعطيتكه ، وأعطيتك إياه. والاتصال أجود لموافقة الأصل ، ولأن القرآن العظيم نزل به دون الانفصال ، كقوله تعالى : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً)(٢) ،
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ)(٣).
و «سيبويه» (٤) يرى الاتصال هنا واجبا ، والانفصال ممتنعا. والصحيح ترجيح الاتصال ، وجواز الانفصال.
ومن شواهد تجويزه قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :فإن الله ملككم إياهم ، ولو شاء لملكهم إياكم (٥).
__________________
(١) هو في «صحيح مسلم» في (كتاب التوبة ـ باب حديث توبة كعب بن مالك ، وصاحبيه) ٨ : ١٠٧ ، و «السيرة النبوية» لابن هشام ٤ : ١٦٤ في (غزوة تبوك) ، و «الكافي شرح الهادي» ٢٣٤ ، دون كلمة «فكانه». فلا شاهد عند ذلك.
(٢) الأنفال : ٢٣.
(٣) هود : ٢٨.
(٤) انظر «الكتاب» (هذا باب إضمار المفعولين اللّذين تعدّى إليهما فعل الفاعل) ١ : ٣٨٤.
(٥) قطعة من حديث أورده «الذهبي» في كتاب «الكبائر» : ٢٢٣ ، والحديث بتمامه كما ذكره ما يلي : كان ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يوصيهم عند خروجه من الدنيا ويقول : «الله الله في الصلاة وما ملكت أيمانكم ، أطعموهم مما تأكلون ، واكسوهم مما تكتسون ، ولا تكلّفوهم من العمل ما لا يطيقون ، فإن كلّفتموهم فأعينوهم ولا تعذبوا خلق الله فإنه ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إيّاكم» ، وفي «سنن أبي داود» في (كتاب الجهاد ـ باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم) ٣ : ٢٣ : «... أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملّكك إيّاها ...»
قال «المكودي» ص : ١٧ : في الحديث جواز الأمرين تقديم الأخص ، وتقديم غير الأخص ، وقد اجتمع الأمران في الحديث ، فانفصال الضمير في قوله : «ملككم إياهم» جائز لتقديم الأخص ، وهو ضمير المخاطب على غير الأخص وهو ضمير الغائب ، وانفصال الضمير في ملكهم إياهم واجب لتقديم غير الأخص.
وهذا الحديث ورد في «شرح ابن الناظم» ٢٤ ، و «شرح الشاطبي» و «شرح المرادي» ١ : ١٤٩ ، و «أوضح المسالك» (باب الضمير).