قال «السيوطي» في «الهمع» في (العوامل) :
واختلف في نصب الفعل اللازم اسما تشبيها بالمتعدي.
أجازه بعض المتأخرين ، قياسا على تشبيه الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي ، نحو : زيد تفقأ الشحم ، أصله : تفقأ شحمه ، فأضمرت في «تفقأ» ، ونصبت «الشّحم» تشبيها بالمفعول به. واستدلّ بما روي في الحديث : «كانت امرأة تهراق الدماء» ومنعه «الشّلوبين» ، وقال : لا يكون ذلك إلا في الصفات.
وتأوّلوا الأثر على أنه إسقاط حرف الجرّ ، أو على إضمار فعل ، أي : بالدماء ، أو يهريق الله الدماء منها. قال «أبو حيان» : وهذا هو الصحيح ؛ إذ لم يثبت ذلك من لسان العرب.
وقال «السهيلي» في «أماليه» ٧٣ :
وأما «تهراق الدماء» فإن «الدماء» مفعول بالإراقة ، والمعنى : تهريق الدماء ، ولكن العرب تعدل بالكلمة إلى وزن ما هو في معناها ، وهي في معنى تستحاض ، وتستحاض على وزن ما لم يسم فاعله. والتي تهريق الدماء هي التي تستحاض ، ولا يجوز أن يقال : هي تهراق الماء والخل ، لعدم هذا المعنى فيه. ا ه.
ويمكننا أن نستخلص في إعراب «الدماء» خمسة أعاريب :
(١) أنه تمييز على اعتبار «أل» زائدة.
(٢) أنه مفعول على أن الأصل تهريق ، وهو قول «ابن مالك» ، أو مفعول بالإراقة ، وهو قول «السهيلي».
(٣) أنه منصوب على التشبيه بالمفعول به. وهو قول بعض المتأخرين.
(٤) أنه على إسقاط حرف الجر ، أي : بالدماء.
(٥) أنه على إضمار فعل ، أي يهريق الله الدماء منها.