مسألة (١٤)
في العلم بالغلبة
درجة العلم بالغلبة (أي التغلب بالشهرة) درجة تلحقه بالعلم الشخصي في أحكامه ، فمظهر الكلمة أنها معرفة بـ «أل» ، أو بالإضافة ، ولكن حقيقتها أنها صارت معرفة بعلمية الغلبة. ومن أمثلة العلم بالغلبة : المدينة ، والعقبة ، وإمام النحاة ، وغيرها مما هو علم بالغلبة كالنابغة ، والأعشى ، والأخطل ... وأصل النابغة : الرجل العظيم ، وأصل الأعشى : من لا يبصر ليلا. وأصل الأخطل :
الهجّاء. ثم تغلّب على كل أصل مما سبق الاستعمال والاشتهار في العلمية وحدها.
فـ «أل» التي في العلم بالغلبة قد صارت قسما مستقلا من «أل» الزائدة اللازمة (أي : التي لا تفارق الاسم الذي دخلت عليه) ، ويسمى «أل :التي للغلبة» ولم تبق للعهد كما كانت ، وبالرغم من أنها زائدة ، ولازمة فإنها تحذف وجوبا عند ندائه ، أو إضافته ، مثل : (يا رسول الله قد بلّغت رسالتك) ، (هذا مصحف عثمان) ، (يا نابغة ، أسمعنا من طرائفك) (١).
فلا يجوز بقاؤها من واحد منهما ، فلا تقول : (يا الأعشى) ولا (يا الأخطل) وفي الحديث (٢) : «إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن» (٣).
__________________
(١) انظر النحو الوافي ١ : ٤٣٥.
(٢) الحديث أورده «الشاطبي» في شرحه ، و «ابن الناظم» في شرحه : ٤٠.
(٣) أخرجه «أحمد» في «مسنده» ٣ : ٤١٩ ، وفيه : سأل رجل «عبد الله بن خنبش» : كيف صنع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين كادته الشياطين؟ قال : جاءت الشياطين إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من الأودية وتحددت عليه من الجبال ، وفيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، قال : فرعب ، قال جعفر : أحسبه قال : جعل يتأخر ، قال : وجاء جبريل عليهالسلام فقال : يا محمد قل ، قال : ما أقول؟ قال : قل : أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ، ومن شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ذرأ في الأرض ، ومن شر ما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ، فطفئت نار الشياطين ، وهزمهم الله ـ عزوجل ـ.