وقيد «الرماني» و «ابن الشجري» و «الشلوبين» وجوب حذف الخبر بما إذا كان الخبر كونا مطلقا.
فلو أريد كون بعينه لا دليل عليه لم يجز الحذف ، نحو : لو لا زيد سالمنا ما سلم ، ومنه حديث «عائشة» : «لو لا قومك حديثو عهد بكفر لأسست البيت على قواعد إبراهيم» (١).
وذهب «الكوفيون» إلى أن الاسم المرفوع بعد «لو لا» فاعل بفعل
__________________
(١) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب العلم ـ باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشدّ منه) ١ : ٤٠ ، برواية : «يا عائشة : لو لا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين ...».
وفي (كتاب الحج ـ باب فضل مكة وبنيانها) ٢ : ١٥٦ برواية : «لو لا حدثان قومك بالكفر» ، ورواية : «لو لا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية» ، ورواية : «لو لا حداثة قومك بالكفر» ، ورواية : «لو لا أن قومك حديث عهد بجاهلية».
وفي (كتاب التمني ـ باب ما يجوز من «الّلو» ، وقوله تعالى : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً)) ٨ : ١٣٠ ، برواية : «لو لا أنّ قومك حديث عهدهم بالجاهلية» و «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب الحج ـ باب جدر الكعبة وبابها» ٤ : ١٠٠ ، برواية : «لو لا حدثان قومك بالكفر» ، ورواية : «ولو لا أن قومك حديث عهدهم في الجاهلية» بتنوين «حديث» ورفع «عهدهم» على إعمال الصفة المشبهة.
و «الترمذي» في «سننه» في (أبواب الحج ـ باب ما جاء في كسر الكعبة) ٢ : ١٨١ ، برواية :
«لو لا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية».
و «النسائي» في «سننه» في (كتاب مناسك الحج ـ باب بناء الكعبة) ٥ : ٢١٤ ، برواية : «لو لا حدثان قومك بالكفر».
قال «السيوطي» في «شرحه على سنن النسائي» ٥ : ٢١٤ : الخبر في هذه الرواية محذوف وجوبا ، أي : موجود. وبرواية : «لو لا حداثة عهد قومك بالكفر» ، ورواية : «لو لا أن قومك حديث عهد بجاهلية».
قال «السيوطي» في «شرحه على سنن النسائي» ٥ : ٢١٥ : كذا روي بالإضافة وحذف الواو ـ وقال «المطرزي» : لا يجوز حذف الواو في مثل هذا ، والصواب : حديثو عهد.
وتعقب «السندي» هذا في «حاشيته على شرح السيوطي على سنن النسائي» رادّا على «المطرزي» بقوله : وردّ بأنه من قبيل : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) فقد قالوا : تقديره : أول فريق كافر ، أو فوج كافر. يريدون أن هذه الألفاظ مفردة لفظا ، وجمع معنى ، فيمكن رعاية لفظها ، ولا يخفى أن لفظ «القوم» كذلك.
وأجيب أيضا : بأن (فعيلا) يستوي فيه الجمع والإفراد.
وأخرجه «أحمد» في «مسنده» ٦ : ١٠٢ ، ١٧٦ ، ١٨٠ ، بروايات مقاربة لما ذكر.
وانظر «فتح الباري» ١ : ٢٢٤ ، و «التلخيص الحبير» ٢ : ٢٦١.