إلى الاختصار.
الثاني : وهو المخبر عنه بكون مقيّد ، ولا يدرك معناه إلا بذكره ، نحو : (لو لا زيد غائب لم أزرك). فخبر هذا النوع واجب الثبوت ؛ لأن معناه يجهل عند حذفه.
ومنه قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لو لا قومك حديثو عهد بكفر» أو «حديث عهدهم بكفر».
فلو اقتصر في مثل هذا على المبتدأ ، لظن أن المراد : لو لا قومك على كل حال من أحوالهم لنقضت الكعبة ، وهو خلاف المقصود ، لأن من أحوالهم بعد عهدهم بالكفر فيما يستقبل. وتلك الحال لا تمنع من نقض الكعبة ، وبنائها على الوجه المذكور.
ومن هذا النوع قول «عبد الرحمن بن الحارث» لـ «أبي هريرة» : «إنّي ذاكر لك أمرا ، ولو لا مروان أقسم عليّ فيه لم أذكره لك» (١).
ومن هذا النوع قول الشاعر :
لو لا زهير جفاني كنت منتصرا |
|
ولم أكن جانحا للسّلم إن جنحوا |
ومثله :
لو لا ابن أوس نأى ما ضيم صاحبه |
|
يوما ولا نابه وهن ولا حذر |
الثالث : وهو المخبر عنه بكون مقيّد يدرك معناه عند حذفه ، كقولك : (لو لا أخو زيد ينصره لغلب) ، و (لو لا صاحب عمرو يعينه لعجز) ، و (لو لا حسن الهاجرة يشفع لها لهجرت).
فهذه الأمثلة وأمثالها ، يجوز فيها إثبات الخبر وحذفه ، لأن فيها شبها بـ (لو لا زيد لزارنا عمرو) ، وشبها بـ (لو لا زيد غائب لم أزرك)
فجاز فيها ما وجب فيهما من الحذف والثبوت.
ومن هذا النوع قول «أبي العلاء المعري» في وصف سيف :
فلو لا الغمد يمسكه لسالا
__________________
(١) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الصوم ـ باب الصائم يصبح جنبا) ٢ : ٢٣٣.