قال «ابن مالك» : تضمنت هذه الأحاديث وقوع خبر «كاد» مقرونا بـ «أن». وهو مما خفي على أكثر النحويين. أعني وقوعه في كلام لا ضرورة فيه.
والصحيح جواز وقوعه. إلا أن وقوعه غير مقرون بـ «أن» أكثر وأشهر من وقوعه مقرونا بـ «أن» ، ولذلك لم يقع في القرآن إلا غير مقرون بـ «أن». نحو قوله تعالى : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)(١)
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً)(٢).
وقوله ـ جل ذكره ـ : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً)(٣)
ولا يمنع عدم وقوعه في القرآن مقرونا بـ «أن» ، من استعماله قياسا لو لم يرد سماع ، لأن السبب المانع من اقتران الخبر بـ «أن» في باب المقاربة ، هو دلالة الفعل على الشروع ، كـ «طفق» و «جعل». فإن «أن» تقتضي الاستقبال ، وفعل الشروع يقتضي الحال. فتنافيا.
وما لا يدل على الشروع كـ «عسى» و «أوشك» و «كرب» و «كاد» فمقتضاه مستقبل. فاقتران خبره بـ «أن» مؤكد لمقتضاه. فإنها تقتضي الاستقبال. وذلك مطلوب ، فمانعه مغلوب.
فإذا انضم إلى هذا التعليل استعمال فصيح ، ونقل صحيح ، كما في الأحاديث المذكورة ، تأكد الدليل ، ولم يوجد لمخالفته سبيل.
__________________
(١) البقرة : ٧١.
(٢) النساء : ٧٨.
(٣) الإسراء : ٧٤.