قال الجمهور : الكسر أجود ، قال «الخطابي» : الفتح رواية العامة. وقال «ثعلب» : الاختيار الكسر ، وهو الأجود في المعنى ، لأن من كسر جعل معناه :
إن الحمد والنعمة لك على كل حال ، ومن فتح قال : معناه لبيك لهذا السبب.
قوله : «والنعمة لك» المشهورة فيه نصب «النعمة». قال القاضي : ويجوز رفعها على الابتداء ، ويكون الخبر محذوفا.
قال «ابن الأنباري» : وإن شئت جعلت خبر «إنّ» محذوفا ، تقديره :
إن الحمد لك ، والنعمة مستقرة لك.
قال «ابن قيم الجوزية» : في «إن» وجهان : فتحها وكسرها ، فمن فتحها تضمنت معنى التعليل ، أي : لبيك ؛ لأن الحمد والنعمة لك ، ومن كسرها كانت جملة مستقلة مستأنفة ، تتضمن ابتداء الثناء على الله ، والثناء إذا كثرت جمله وتعددت كان أحسن من قلتها ، وأما إذا فتحت فإنها تقدر بلام التعليل المحذوفة معها قياسا ، والمعنى : لبيك لأن الحمد لك.
والفرق بيّن بين أن تكون جمل الثناء علة لغيرها ، وبين أن تكون مستقلة مرادة لنفسها ، ولهذا قال «ثعلب» : من قال «إن» بالكسر فقد عم ، ومن قال «أنّ» بالفتح فقد خص.
ونظير هذين الوجهين والتعليلين والترجيح سواء قوله ـ تعالى ـ حكاية عن المؤمنين : (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)(١) ، كسر «إن» وفتحها. فمن فتح كان المعنى ندعوه ، لأنه هو البر الرحيم ، ومن كسر كان الكلام جملتين ، إحداهما قوله : «ندعوه» ، ثم استأنف فقال : «إنه هو البر الرحيم» ، قال «أبو عبيد» : والكسر أحسن ، ورجحه بما ذكرناه.
__________________
(١) الطور : ٢٨ ، «إنه» في الآية بكسر الهمزة قراءة عاصم والأعمش والحسن. و «أنه» بفتحها قراءة أبي جعفر المدني ، ونافع. قال «الفراء» : الكسائيّ يفتح «أنّه» ، وأنا أكسر. وإنما قلت : حسن ، لأن الكسائي قرأه. انظر «معاني القرآن» ٣ : ٩٣.