المجموع على لغة «بلحارث» ، وهم القائلون : «أكلوني البراغيث» ، ومنه قول الشاعر : (١)بحوران يعصرن السليط أقاربه وهي لغة فاشية ، وعليها حمل «الأخفش» قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(٢).
وتوارد جماعة من الشراح على أن هذا الحديث من هذا القبيل ، ووافقهم «ابن مالك». وناقشه «أبو حيان» زاعما أن هذه الطريق اختصرها الراوي ، واحتج لذلك بما رواه «البزار» من وجه آخر عن «أبي هريرة» بلفظ : «إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم : ملائكة بالليل ، وملائكة بالنهار».
وقد سومح في العزو إلى مسند «البزار» ، مع أن هذا الحديث بهذا اللفظ في الصحيحين (٣) ، فالعزو إليهما أولى ... ا ه.
وعلى رأي «أبي حيان» فلا شاهد في الحديث على هذه الرواية.
__________________
(١) هو «الفرزدق». السليط : الزيت. أقارب : فاعل «يعصر» ، والنون علامة لكون الفاعل جمعا ، كتاء التأنيث. «الخزانة» ٢ : ٣٨٦.
(٢) الأنبياء : ٣ ، قال «ابن هشام» في «شرح شذور الذهب» ١٧٩ : والأجود تخريجها على غير ذلك ، وأحسن الوجوه فيها إعراب «الذين ظلموا» مبتدأ ، و «أسروا النجوى» خبرا.
(٣) الذين خرّجوا هذا الحديث على لغة «أكلوني البراغيث» اعتمدوا على رواية «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب مواقيت الصلاة ـ باب فضل صلاة العصر) ١ : ١٣٩ ، و «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب المساجد ـ باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما) ٢ : ١١٣ ، و «مالك» في «الموطأ» في (كتاب قصر الصلاة في السفر ـ باب جامع الصلاة) ١ : ١٧٠ ، و «النسائي» في «سننه» في (كتاب الصلاة ـ باب فضل صلاة الجماعة) ١ : ٢٤٠.
والرواية هي : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» ولو تتبعوا روايات الحديث لعثروا على الروايات الأخرى ، ففي «البخاري» في (كتاب بدء الخلق ـ باب ذكر الملائكة ـ صلوات الله عليهم ـ) ٤ : ٨١ عن أبي هريرة ـ رضياللهعنه ـ قال قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الملائكة يتعاقبون. ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» الحديث ، والظاهر أن الحديث روى مختصرا ومطولا عن طريق «أبي الزناد». وهذا يقوى بحث «أبي حيان» كما قال «ابن حجر». وانظر «فتح الباري» ٢ : ٣٤ ـ ٣٥ ففيه تحرير عزيز ، و «شرح السيوطي» و «حاشية السندي» على «سنن النسائي» ١ : ٢٤٠.