مسألة (٥١)
في مجيئ الحال من النكرة (١)
من أحكام الحال ألا يكون صاحبها نكرة محضة (٢)
ومجيء الحال من النكرة بلا مسوّغ قليل ، ومنه قولهم : (مررت بماء قعدة رجل) ، وقولهم : (عليه مائة بيضا).
وأجاز «سيبويه» : فيها رجل قائما ، وفي الحديث : «صلّى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قاعدا ، وصلى وراءه رجال قياما» (٣).
قال «السّهيليّ» : وقد تحسن الحال من النكرة في مثل هذا الموطن ، لأنها قد تفيد معنى ، كما حسنت في حديث «الموطأ». وذكر الحديث المتقدم.
قال «سيبويه» : وذلك مقيس.
وذهب «الخليل» و «يونس» إلى أن ذلك مما لا يجوز أن يقاس عليه. وإنما يحفظ ما ورد منه.
__________________
(١) موارد المسألة : «شرح الأشموني» ٢ : ١٧٦ ، و «أمالي السهيلي» ٩٣ ، و «شرح ابن عقيل» ٢ : ٢٦٣ ، و «شرح شذور الذهب» ٢٥٣.
(٢) النكرة المحضة : هي التي يكون معناها شائعا بين أفراد مدلولها ، مع انطباقه على كل فرد ، مثل كلمة «رجل» ، بخلاف : «رجل صالح» فإنها نكرة غير محضة ؛ لأنها مقيدة ، تنطبق على بعض أفراد من الرجال ؛ وهم الصالحون ، دون غيرهم ، فاكتسبت بهذا التقييد شيئا من التخصيص والتحديد ، ومثل الصفة غيرها من كل ما يخرج النكرة من عمومها وشيوعها الأكمل إلى نوع من التحديد وتقليل أفرادها ، كإضافة النكرة الجامدة إلى نكرة أخرى ، وكوقوعها نعتا لنكرة محضة ، أو وقوعها حالا ، أو غير هذا من سائر القيود. والنكرة المحضة تسمى نكرة تامة ، كـ «ما» التعجبية ، وإذا كانت غير محضة تسمى : نكرة ناقصة. انظر «النحو الوافي» ١ : ٢١٣.
(٣) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الأذان ـ باب إنما جعل الإمام ليؤتم به) ١ : ١٦٩ برواية : «... فصلى جالسا ، وصلى وراءه قوم قياما ، فأشار إليهم أن اجلسوا ...» وفي هذه العبارة أيضا دليل لما ساق النحاة الحديث للاستدلال به. و «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب الصلاة ـ باب ائتمام المأموم بالإمام) ٢ : ١٩. و «مالك» في «الموطأ» في (كتاب صلاة الجماعة ـ باب صلاة الإمام وهو جالس) ١ : ١٣٥ قريب من لفظ الشاهد.