وفي الحديث : «لبيك وسعديك والخير بين يديك» (١)
ولا يضاف من هذه الأسماء إلى ظاهر إلا ما شذّ ، كقول الشاعر :
دعوت لما نابني مسورا |
|
فلبّى ، فلبّي يدي مسور |
هذا رأي «ابن مالك».
ويفهم من كلام «سيبويه» أن ذلك غير شاذ في «لبّي» و «سعدي».
قال «الشاطبي» : وكأنه لم يسمع في غير اليدين أصلا ، وروي في بعض الأحاديث عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «إذا دعا أحدكم أخاه فقال : لبيك ، فلا يقولنّ : لبي يديك ، وليقل : أجابك الله بما تحب». وهذا مما يشعر بأن عادة العرب إذا دعيت فأجيبت لبيك ، أن تقول : لبي يديك ، فنهى ـ عليهالسلام ـ عن هذا القول وعوض منه كلاما حسنا ، ويشعر بهذا أيضا معنى البيت المتقدم ، فعلى هذا ليس بمختص بالشعر.
ومذهب «سيبويه» أن «لبّيك» وما ذكر بعده مثنّى ، وأنه منصوب على المصدرية بفعل محذوف ، وأن تثنيته المقصود بها التكثير ؛ فهو على هذا ملحق بالمثنى ، كقوله تعالى : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ)(٢) فـ «كرّتين» : ليس المراد به مرتين فقط ؛ لقوله تعالى : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)(٣).
أي مزدجرا ، وهو كليل ، ولا ينقلب البصر مزدجرا كليلا من كرتين فقط ، فتعين أن يكون المراد بـ «كرّتين» التكثير ، لا اثنين فقط ، وكذلك «لبيك»
__________________
(١) أخرجه «مالك» في «الموطأ» في (كتاب الحج ـ باب العمل في الإهلال) ١ : ٣٣٢ ، و «أحمد» في «المسند» ٢ : ٣ ، ٤٧ ، ٣ : ٣٢. بلفظ : كان «عبد الله بن عمر» يزيد فيها : لبيك لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير بيديك لبيك.
(٢ ، ٣) الملك : ٤.