وقد قال «أبو البقاء» عن الحديث : «فهل أنتم تاركو لي صاحبي» : (١)
الوجه «تاركون» ؛ لأنّ الكلمة ليست مضافة ، لأن حرف الجر منع الإضافة.
وإنما يجوز حذف النون في موضعين :
أحدهما : الإضافة ، ولا إضافة هنا.
والثاني : إذا كان في «تاركون» الألف واللام. مثل قول الشاعر :
الحافظو عورة العشيرة لا |
|
يأتيهم من ورائنا نطف (٢) |
والأشبه : أنّ حذفها من غلط الرواة.
وذهب «ابن مالك» إلى أنه يجوز في السعة ، وقد قال في «الكافية الشافية» :
وحجتي قراءة ابن عامر |
|
وكم لها من عاضد وناصر |
وقسم «الأشموني» الجائز في السعة إلى ثلاث مسائل :
الأولى : أن يكون المضاف مصدرا ، والمضاف إليه فاعله. والفاصل إما مفعوله ، كقراءة «ابن عامر» : «زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم» (٣)
بنصب «أولادهم» وجرّ «شركائهم».
وقول الشاعر :
عتوا إذ أجبناهم إلى السّلم رأفة |
|
فسقناهم سوق البغاث الأجادل |
__________________
(١) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب فضائل أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ باب قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لو كنت متخذا خليلا) ٤ : ١٩٢ ، وفي (كتاب تفسير القرآن ـ سورة الأعراف) ٥ : ١٩٧ ، من حديث أبي الدرداء. قال «ابن حجر» في «فتح الباري» ٧ : ٢٥ : قوله : «تاركو لي صاحبي» في التفسير «تاركون» ، وهي الموجهة ، حتى قال أبو البقاء : إن حذف النون من خطأ الرواة.
(٢) العورة : المكان الذي يخاف منه العدو. النطف : العيب وانظر «الخزانة» ٢ : ١٨٨ ـ ١٩٣.
(٣) الأنعام : ١٣٧. وانظر «البحر المحيط» ٤ : ٢٣٠.