مسألة (٧٤)
في وقوع التمييز بعد فاعل «نعم» و «بئس» ظاهرا (١)
قال «الشاطبي» مال «ابن مالك» في «التسهيل» إلى القول بالجواز ، تعويلا على القياس والسماع.
فأما السماع ، فمنه في «البخاري» في حديث «عبد الله بن عمرو» :
«فيسألها عن بعلها» فتقول : «نعم الرجل من رجل ، لم يطأ لنا فراشا ولم يفتّش لنا كنفا مذ أتيناه» (٢).
وأدخل «من» على المفسر.
قال «ابن مالك» : تضمن هذا الحديث وقوع التمييز بعد فاعل نعم وبئس ظاهرا. وهو مما منعه «سيبويه». فإنه لا يجيز أن يقع التمييز بعد فاعل نعم وبئس إلا إذا أضمر الفاعل ، كقوله تعالى : (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)(٣).
وأجاز «المبرد» وقوعه بعد الفاعل الظاهر ، وهو الصحيح.
ومن شواهد الموافقة للحديث الشريف قول «جرير» يمدح «عمر بن عبد العزيز».
تزوّد مثل زاد أبيك فينا |
|
فنعم الزاد زاد أبيك زادا |
فما كعب بن مامة وابن سعدى |
|
بأجود منك يا عمر الجوادا |
وقول «جرير» يهجو «الأخطل» :
والتغلبيّون بئس الفحل فحلهم |
|
فحلا وأمّهم زلّاء منطيق |
وقول الآخر :
نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت |
|
ردّ التحيّة نطقا أو بإيماء |
__________________
(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» ، و «شواهد التوضيح والتصحيح» ١٠٧ ، و «فتح الباري» ٩ : ٩٥.
(٢) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب فضائل القرآن ـ باب في كم يقرأ القرآن) ٦ : ١١٣ ، عن «عبد الله بن عمرو بن العاص»
لم يطأ لنا فراشا : أي : لم يضاجعنا. كنفا : الستر والجانب. وأرادت بذلك الكناية عن عدم الجماع ؛ لأن عادة الرجل أن يدخل يده مع زوجته في دواخل أمرها.
(٣) الكهف : ٥٠.