وقال «شهاب الدين محمود الحلبي» ـ ٧٢٥ ه :
«ويتبع ذلك (١) قراءة ما يتفق له من كتب «النحو» التي يحصل بها المقصود من معرفة العربية ، بحيث يجمع بين طرفي الكتاب الذي يقرؤه ، ويستكمل استشراحه ، ويكبّ على الإعراب ويلازمه ، ويجعله دأبه ، ليرتسم في فكره ، ويدور على لسانه ، وينطلق به عقال قلمه وكلمه ، ويزول به الوهم عن سجيته ، ويكون على بصيرة من عبارته ، فإنه لو أتى من البراعة بأتم ما يكون ، ولحن ذهبت محاسن ما أتى به ، وانهدمت طبقة كلامه ، وألقى جميع ما يحسنه ، ووقف به عند ما جهله» (٢).
وقد كان الجهابذة من أسلافنا يتباهون بمعرفته.
ففي أول مقدمة «تدريب الراوي» يتحدث «السيوطي» ـ ٩١١ ه ـ رحمهالله ـ بأنه عبر لجة قاموس «علم الحديث الشريف» حيث وقف غيره بشاطئه ، ولم يكتف بورود مجاريه ، حتى بقر عن منبعه ومناشئه ... ثم قال : مع ما أمدني الله به من العلوم ، فذكر التفسير ... وعلومه ... والفقه ... واللغة .. ثم قال :
والنحو الذي يفتضح فاقده بكثرة الزلل ، ولا يصلح الحديث للحان.
وقال «الجاحظ» ـ ٢٥٥ ه : «كان أيوب السختياني يقول : تعلّموا النحو ؛ فإنّه جمال للوضيع ، وتركه هجنة للشريف» (٣).
__________________
(١) أي : الآلات والأصول التي يحتاجها من يريد أن يكون منشئا وكاتبا.
(٢) «حسن التوسل إلى صناعة الترسل» ٨٠ ، وهذا النص نقله «القلقشنديّ» في «ضوء الصبح المسفر» ٥٨ ، معزوا ل : «حسن التوسل».
(٣) «البيان والتبيين» ٢ : ٢١٩.