وفي مختصر العين : «بله» بمعنى «كيف» ، وبمعنى «دع».
فأما الجر بعد «بله» ، وهو المجمع على سماعه. فذهب بعض الكوفيين إلى أنها بمعنى «غير» ، فمعنى «بله الأكف» : غير الأكف ، فيكون هذا استثناء منقطعا.
وذهب «الفارسي» : إلى أنها مصدر لم ينطق له بفعل ، وهو مضاف ، وهي إضافة من نصب.
وذهب «الأخفش» : إلى أنها حرف جر.
وأما النصب فيكون على أنه مفعول ، و «بله» مصدر موضوع موضع الفعل ، أو اسم الفعل ليس من لفظ الفعل. فإذا قلت : (قام القوم بله زيدا) فكأنك قلت : تركا زيدا ، أودع زيدا.
وأما الرفع فعلى الابتداء ، و «بله» بمعنى «كيف» في موضع الخبر. ا ه
حكى «ابن التين» رواية «من بله» فتكون مبنية ، و «ما» مصدرية ، وهي وصلتها في موضع رفع على الابتداء ، والخبر هو الجار والمجرور المتقدم.
ويكون المراد بـ «بله» : «كيف» التي يقصد بها الاستبعاد ، والمعنى : من أين اطلاعكم على هذا القدر الذي تقصر عقول البشر عن الإحاطة به.
ودخول «من» على «بله» إذا كانت بهذا المعنى جائز.
ويمكن تلخيص المسألة على أربعة أوجه :
(١) اسم فعل أمر بمعنى «دع» أو «اترك» ناصبة لما يليها على أنه مفعوله ، وفتحة «بله» بنائية ، كقول «ابن هرمة» :
تمشى القطوف إذا غنّى الحداة بها |
|
مشي الجواد فبله الجلّة النّجبا (١) |
__________________
(١) القطوف من الدواب وغيره : البطيء ، والنجب : جمع نجيب ، وهو الأصيل الكريم ، والمعنى أن البطيء يمشي كمشي الجواد من الخيل مع الحداء ، فدع الإبل الكرام ، فإنها مع الحداء تسرع أكثر من غيرها.