وفي «عمدة القاري» ١٢ : ١٩٩ «إذا يحلف» قال «الكرماني» :ويحلف ، بالنصب لا غير. قلت : كلمة «إذا» حرف جواب وجزاء ، ينصب الفعل المستقبل ، مثل ما يقال : أنا آتيك ، فيقول : إذا أكرمك. وإنما يقال :بالنصب ، لا غير ، لأنها تصدرت ، فيتعين النصب ، بخلاف ما إذا وقعت بعد الواو والفاء ، فإنه يجوز فيه الوجهان.
وقال «ابن الناظم» : وحكى «سيبويه» عن بعض العرب إلغاء «إذن» مع استيفاء شروط العمل ، وهو القياس ، لأنها غير مختصة ، وإنما أعملها الأكثرون حملا على «ظنّ» ، لأنها مثلها في جواز تقدمها على الجملة وتأخرها عنها وتوسطها بين جزأيها ، كما حملت «ما» على «ليس» ؛ لأنها مثلها في نفي الحال.
مسألة (٩٣)
في سقوط فاء السّببيّة (١)
تنفرد «الفاء» عن «الواو» بأن الفعل بعد الفاء التي ينتصب بعدها ينجزم عند سقوطها بشرط أن يقصد الجزاء ، وذلك بعد الطلب بأنواعه. فتقول : (ائتنا تحدثنا) ، و (اسلم تسلم).
ومنه قوله تعالى : (وَقالُوا : كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا)(٢)
وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما» (٣)
وقول امرئ القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ، ومنزل |
|
بسقط اللّوى ، بين الدّخول فحومل |
__________________
(١) موارد المسألة : «شرح الشاطبي» عند قوله :
وبعد غير النفي جزما اعتمد |
|
إن تسقط الفاء والجزاء قد قصد |
و «شرح الأشموني» ٣ : ٣٠٩ ، ولم يذكر الحديث.
(٢) البقرة : ١٣٥.
(٣) أخرجه «البيهقي» في «شعب الإيمان» بلفظه. و «ابن ماجه» في «سننه» ١ : ١٤١٠ ، و «الطبراني» في «الأوسط» عن أبي هريرة.
والحديث بتمامه : «يا أبا هريرة! كن ورعا تكن أعبد الناس ، وكن قنعا تكن أشكر الناس ، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا ، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما ، وأقلّ الضحك فإنّ كثرة الضحك تميت القلب» «كنز العمال» ١٦ : ٢٤٣.