مسألة (١٠٠)
في حذف الفاء من جواب الشرط (١)
وقد تحذف الفاء الواجب ذكرها ، للضرورة أو للندور.
فمن خص هذا الحذف بالشعر حاد عن التحقيق ، وضيّق حيث لا تضييق ، بل هو في غير الشعر قليل ، وهو فيه كثير.
فمن الضرورة قول «حسان» :
من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
والشّرّ بالشّرّ عند الله مثلان (٢) |
وقول الآخر :
ومن لا يزل ينقاد للغيّ والصّبا |
|
سيلفى على طول السلامة نادما |
ومن الندور قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لـ «أبيّ بن كعب» : «فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها» (٣)
وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لـ «هلال بن أمية» : (البيّنة وإلّا حدّ في ظهرك) (٤)
فقد تضمن الحديث الأول حذف جواب «إن» الأولى ، وحذف شرط «إن» الثانية ، وحذف الفاء من جوابها. فإن الأصل : فإن جاء صاحبها أخذها ، وإلّا يجيء فاستمتع بها.
__________________
(١) موارد المسألة : «شرح المرادي» ٤ : ٢٥٢ ، و «شرح ابن الناظم» ٢٧٤ ، و «شرح الأشموني» ٤ : ٢١ ، و «شواهد التوضيح» : ١٣٣ ، و «المغني» (الفاء) : ٢١٩.
(٢) استشهد به «سيبويه» في «الكتاب» ١ : ٤٣٥ على حذف الفاء لضرورة الشعر ، وقال : «سألته عن قوله : إن تأتني أنا كريم ، فقال : لا يكون هذا إلّا أن يضطر شاعر». وقال في «الكتاب» ١ : ٤٣٧ : «وكما قالوا في اضطرار : إن تأتني أنا صاحبك ، يريد معنى الفاء».
والبيت نسبه «سيبويه» لـ «حسان» ، ونسبه «المبرد» لـ «عبد الرحمن بن حسان» ، وكذلك نسبه في «الخزانة» ورواه جماعة لـ «كعب بن مالك الأنصاري». «المقتضب» بتحقيق الأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة (٢ : ٧٠).
(٣) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب في اللّقطة ـ باب هل يأخذ اللّقطة ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحقّ) ٣ : ٩٥ ـ ٩٦ بهذا اللفظ. وأخرجه «أبو داود» في «سننه» في أول (كتاب اللقطة) ٢ : ١٣٤ برواية : «وإلا فاستمتع بها».
(٤) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب التفسير ـ سورة النور ، باب قوله : «ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين» ٦ : ٤.