«أمّا» مسألة (١٠٣)
في حذف الفاء في جواب «أمّا» (١)
«أما» حرف شرط وتفصيل وتوكيد. نائبة عن أداة شرط وفعله ، ولهذا تؤوّل بـ «مهما يكن من شيء» ، ولا بد من ذكر جملة هي جواب له ، ولا بد فيها من ذكر الفاء ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ : ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً)(٢).
وجاء في «مغني اللبيب» وغيره : فإن دخلت «أمّا» على قول قد طرح فيجب حذف الفاء معه ، كقوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)(٣) ، أي : (فيقال لهم : أكفرتم) ، فحذف القول استغناء عنه بالمقول ، فتبعته الفاء في الحذف ، وربّ شيء يصح تبعا ولا يصح استقلالا ، كالحاجّ عن غيره يصلّي عنه ركعتي الطواف ، ولو صلى أحد عن غيره ابتداء لم يصح على الصحيح (٤). هذا قول الجمهور.
__________________
(١) موارد المسألة : «شرح ابن الناظم» ٢٧٩ ، و «شرح الشاطبي» ، و «شرح ابن عقيل» ٤ : ٥٤ ، و «شرح الأشموني» ٤ : ٤٥ ، و «أوضح المسالك» ٣ : ٢٠٨ ، و «شواهد التوضيح» ١٣٦ ، و «مغنى اللبيب» (أما) ٨٠.
(٢) البقرة : ٢٦.
(٣) آل عمران : ١٠٦.
(٤) من ذلك (المادة : ٥٦) «البقاء أسهل من الابتداء» يعني أن ما لا يجوز ابتداء يجوز بقاء ، للقاعدة المذكورة ، فلو كان لرجل داران على جانبي الطريق فأراد أن ينشيء جسرا من الواحدة إلى الأخرى يمنع ، ولكن لا يهدم بعد إنشائه إن لم يكن فيه ضرر على المارين.
ويتفرع عن هذه القاعدة (المادة : ٥٥) «يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء».
مثاله : إن هبة الحصة الشائعة لا تصح ، لكن إذا وهب رجل عقارا من آخر فاستحق منه حصة شائعة لا تبطل الهبة في حق الباقي. «شرح المجلة للباز» ٤٢ ، وانظر «حاشية ابن عابدين» ٢ : ٢٣٦.