خاتمة
وأخيرا ، بعد هذه الرحلة الطويلة ، والجولة الممتعة ، مع الحديث النبوي. لا بد لنا من كلمة موجزة نختم بها بحثنا ، تكون بمنزلة القطوف والنتائج.
فأقول ـ وبالله التوفيق ـ لإحقاق الحق ، وإعلان الحقيقة : إن الأحاديث الثابتة وصلت إلينا ، من غير تحريف ولا تبديل ، ولا زيادة ولا نقصان ، وبنهاية المطاف نقطف الثمار اليانعة ، ونخلص إلى ما يلي :
(١) إن أئمة الحديث عنوا عناية تامة بلسان العرب ، وبعلم النحو ، الذي يفتضح فاقده بكثرة الزلل. ولا يصلح الحديث للحّان.
(٢) إن الكثيرين من الصحابة والتابعين ، ومن جاء بعدهم من رواة الحديث قصروا رواية الحديث على اللفظ ، ومنعوا روايته بالمعنى.
(٣) إن الرواية بالمعنى قد أجازها العلماء لمن كان عالما عارفا بالألفاظ ، والأساليب العربية ، خبيرا بمدلولاتها ، والفروق الدقيقة بينها ، وإلّا لم تجز له الرواية بالمعنى بلا خلاف.
(٤) إن الذين أجازوا الرواية بالمعنى إنما أجازوها على أنها ضرورة تتقدر بقدر الحاجة إليها ، لا على أنها أصل يتبع ويلتزم في الرواية.
ولا خلاف بين العلماء ، أنّ المحافظة على ألفاظ الحديث ، وحروفه أمر عزيز ، وحكم شريف ، وهو الأولى بكلّ ناقل ، والأجدر بكل راو ، ما استطاع إليه سبيلا.
(٥) إن الرواية بالمعنى ممنوعة ـ باتفاق ـ في الأحاديث المتعبد بلفظها ، كالأذكار ، والأدعية ، والتشهد ، والقنوت. وكذلك في الأحاديث التي هي من جوامع كلمه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكذلك ما يستدل بلفظه على حكم لغوي ، إلّا أن يكون الذي أبدل اللفظ بلفظ آخر عربيّ يستدلّ بكلامه على أحكام العربية.