(٦) إن الذين منعوا الاستشهاد بالحديث ، منعوه لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذ لو وثقوا بذلك لأجروه مجرى القرآن الكريم في إثبات القواعد الكلية.
(٧) إن تدوين الحديث بدأ بصفة عامة ورسمية على رأس المائة الأولى ، وبلغ منتهاه في نهاية القرن الثالث ، وأن بعض الصحابة والتابعين كانوا يدونون الأحاديث في القرن الأول الهجري بصفة خاصة.
(٨) إن الرواية بالمعنى إنما ترخّص فيها من ترخّص في غير المصنّفات المدوّنة ، أما فيها فلا ؛ لأن الراوي لا يملك تغيير تصنيف غيره.
(٩) إن الرواة الذين نقلوا الأحاديث من الصحابة والتابعين ، كان لهم من الخصائص الدينية والخلقية ما يعصمهم من التغيير والتبديل والتحريف في الرواية.
وهم إلى ذلك ذوو حوافظ قوية ، وأذهان سيالة ، ووجدان حي ، وقلوب عاقلة واعية.
(١٠) إن القواعد والضوابط التي أخذ جامعو الأحاديث بها عند تدوينها ، هي أدق وأرقى ما وصل إليه علم النقد ، في تمييز المقبول من المردود ، من المرويات ، وفي تمييز الحق من الباطل ، والخطأ من الصواب.
(١١) انكشف لنا من عرضنا للنصوص ومناقشتها أنه لا يوجد في القدامى من رفض الاحتجاج بالحديث في علمي النحو والصرف ، وغاية الأمر أنهم اعتصموا بالصمت ، ولم يثيروا هذه المسألة البتة ، ونحن نتحدى أن يكون لسيبويه والخليل والمبرد ، ومن كان من طبقتهم قول في ذلك ، من قريب أو بعيد ، بعبارة أو إشارة ، بتصريح أو تلويح ، بل لم ينطقوا ببنت شفة ، ولم يأثموا في الخوض في منع الاستشهاد بالحديث.
أما التقسيم الذي قسمه العلماء إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الأول : الاستشهاد بالحديث في النحو مطلقا.
الاتجاه الثاني : المنع من الاستشهاد مطلقا.