قال : وإذا لم يتجه الإعراب فسد المعنى ؛ فإنّ اللحن يغيّر المعنى واللفظ ، ويقلبه عن المراد به إلى ضده ، حتى يفهم السامع خلاف المقصود منه.
وقد روي أن أعرابيا سمع قارئا يقرأ : «أن الله برىء من المشركين ورسوله» (١) بجر «رسوله» فتوهم عطفه على «المشركين» ، فقال ، أو برىء الله من رسوله؟ فبلغ ذلك «عمر بن الخطاب» ـ لعنة الله عليه ـ فأمر ألّا يقرأ القرآن إلا من يحسن العربية. على أن «الحسن» قد قرأها بالجرّ على القسم.
وقد ذهب على الأعرابي فهم ذلك لخفائه.
وسمع أعرابي رجلا يقول : (أشهد أن محمدا رسول الله) ، بفتح «رسول» فتوهم أنه نصبه على النعت ، فقال : يفعل ما ذا؟
وقال رجل لآخر : ما شانك؟ بالنصب ، فظن أنه يسأل عن شين به ، فقال : عظم في وجهي.
وقال رجل لأعرابي : كيف أهلك؟ (٢) بكسر اللام ، وهو يريد السؤال عن أهله ، فتوهّم أنه يسأل عن كيفية هلاك نفسه ، فقال : صلبا.
__________________
(١) التوبة : ٣ ، قال «الألوسي» ـ ١٢٧٠ ه : قرأ «الحسن» و «ابن أبي إسحاق» و «عيسى بن عمرو» : «ورسوله» بالنصب ، وعليها فالعطف على اسم «أنّ» وهو الظاهر ، وجوّز أن تكون الواو بمعنى «مع» ، ونصب «رسوله» على أنه مفعول معه ، أي : برىء معه منهم. وعن «الحسن» أنه قرأ بالجر ، على أن الواو للقسم ، وهي كالقسم بعمره ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في قوله ـ سبحانه ـ : «لعمرك».
وقيل : يجوز كون الجر على الجوار ، وليس بشيء ، وهذه القراءة لعمري موهمة جدا ، وهي في غاية الشذوذ ، والظاهر أنها لم تصح» ثم ذكر «الألوسي» قصة الأعرابي المذكورة ، ثم قال : فعندها أمر «عمر» بتعليم العربية ، ونقل أنّ «أبا الأسود الدؤلي» سمع ذلك فرفع الأمر إلى «علي» ـ كرم الله وجهه ـ فكان ذلك سبب وضع النحو. والله أعلم. أه «روح المعاني» ١٠ : ٤٧. قال «أبو حيان» ـ ٧٥٤ ه : وقرىء : «ورسوله» بالجر شاذا ، ورويت عن «الحسن». «البحر المحيط» ٥ : ٦
(٢) في العبارة لحن ، وصوابها كيف أهلك)؟ وتعرب «كيف» هنا : اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم ، و «أهل» : مبتدأ مؤخر مرفوع ، وهو مضاف ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.