قال «القلقشندي» وقف بعض الخلفاء على كتاب لبعض عمّاله فيه لحن في لفظه ، فكتب إلى عامله : قنّع هذا سوطا معاقبة على لحنه (١).
وخاصم نحويّ نحويا آخر عند بعض القضاة في دين عليه ، فقال : «أصلح الله القاضي! لي على هذا درهمان».
فقال خصمه : «والله ـ أصلحك الله ـ إن هي إلّا ثلاثة دراهم ، ولكنه لظهور الإعراب ترك من حقه درهما» (٢).
فـ «النحو» لا يستغنى عنه ، ولا يوجد بدّ منه ، ومن جهله فبضاعته من العلوم مزجاة ، وفهمه عقيم ، ومن أتقنه وبرّز فيه فهو من أصحاب السبق ، لأن «النحو» مرقاة للوصول إلى جميع الفنون ، وهاك بعض الأمثلة لتقريب هذه الفكرة.
قال «أبو إسحاق الشاطبي» ـ ٧٩٠ ه : يحكى عن «الفراء» ـ ٢٠٧ ه أنه قال : من برع في علم واحد سهل عليه كلّ علم. فقال له «محمد بن الحسن» ـ ١٨٩ ه القاضي ـ وكان حاضرا في مجلسه ذلك ، وكان ابن خالة الفراء ـ : أنت قد برعت في علمك ، فخذ مسألة أسألك عنها من غير علمك! ما تقول فيمن سها في صلاته ، ثم سجد لسهوه فسها في سجوده أيضا؟ قال «الفراء» : لا شيء عليه ، قال : وكيف؟
قال : لأن التصغير عندنا لا يصغّر ، فكذلك السهو في سجود السهو لا
__________________
(١) «صبح الأعشى» ١ : ١٧٠.
(٢) «صبح الأعشى» ١ : ١٧٢ ، و «البيان والتبيين» ٢ : ٢١٨.