يسجد له ؛ لأنه بمنزلة تصغير التصغير ، فالسجود للسهو هو جبر للصلاة ، والجبر لا يجبر ، كما أن التصغير لا يصغر.
قال القاضي : ما حسبت أن النساء يلدن مثلك (١).
وروي أن «أبا يوسف» ـ ١٨٢ ه دخل على «الرشيد» ـ ١٩٣ ه و «الكسائيّ» ـ ١٨٩ ه يداعبه ويمازحه ، فقال له «أبو يوسف» : هذا الكوفي قد استفرغك (٢) ، وغلب عليك. فقال : يا أبا يوسف إنه ليأتيني بأشياء يشتمل (٣) عليها قلبي. فأقبل «الكسائي» على «أبي يوسف» فقال : يا أبا يوسف! هل لك في مسألة؟ فقال : نحو أم فقه؟
فقال : بل فقه. فضحك «الرشيد» حتى فحص (٤) برجله ، ثم قال : تلقى على «أبي يوسف» فقها؟ قال : نعم ، قال : يا أبا يوسف ما تقول في رجل قال لامرأته : (أنت طالق أن دخلت الدار) وفتح «أن» (٥)؟ قال : إذا دخلت طلقت ، قال : أخطأت يا أبا يوسف ، فضحك «الرشيد» ، ثم قال : كيف
__________________
(١) وهذا من قبيل حمل بعض العلوم على بعض في بعض قواعده ، حتى تحصل الفتيا في أحدها بقاعدة الآخر من غير أن تجتمع القاعدتان في أصل واحد.
(٢) قالوا : استفرغ فلان مجهوده في كذا : بذله كلّه فيه واستقصاه.
(٣) قالوا : اشتمل عليه : احتواه وتضمنه.
(٤) قالوا : فحص الأرض : حفرها ، والشيء : كشفه.
(٥) «إن» المكسورة من ألفاظ الشرط (أي : علامات وجود الجزاء) ، فلو فتحها وقع للحال ما لم ينو التعليق فيدين «الدر المختار».
(قوله : فلو فتحها وقع للحال) هو قول الجمهور ؛ لأنها للتعليل ، ولا يشترط وقوع العلة وقت الوقوع ، بل يشترط الطلاق نظرا لظاهر اللفظ.
وزعم «الكسائيّ» مناظرا لـ «الشيباني» في مجلس «الرشيد» أنها شرطية بمعنى «إذا» ، وهو مذهب الكوفيين. ورجحه في «المغني».
وعلى كل حال إذا نوى التعليق ينبغي أن تصح نيته (نهر) مختصرا ، وإلى ذلك أشار الشارح بقوله :
فيدين. «حاشية ابن عابدين» ٢ : ٤٩٨.
«فائدة» «النهر» كتاب في الفقه الحنفي. ومؤلفه : العلامة الشيخ عمر سراج الدين ، الشهير بـ «ابن نجيم» ، الفقيه المحقق ، الرشيق العبارة ، الكامل الاطلاع ، كان متبحرا في العلوم الشرعية ، غواصا على المسائل الغريبة ، محققا إلى الغاية ، وجيها عند الحكام ، معظما عند الخاص والعام ، توفي سنة ١٠٠٥ ه «حاشية ابن عابدين» ١ : ١٨.