تصحيح خطأ
ورد في كتاب «أصول التفكير النحوي» ١٤٢ ما يلي : ومن الأخطاء الشائعة أن الحديث لم يدوّن إلا بعد عهد «عمر بن عبد العزيز» إذ من الحقائق التاريخية الثابتة أن الحديث كان يدوّن على عهد صحابة رسول الله ، في النصف الأول للقرن الأول من الهجرة ، ومن المؤكد أن «عبد الله بن عمرو بن العاص» كان يدوّن ما يسمع من رسول الله في صحيفة سماها : «الصّادقة» (١) ، وأن «همام بن منبه» كان يكتب ما يسمع من أحاديث الرسول التي يرويها «أبو هريرة» في صحيفة سماها : «الصحيحة» (٢) ، ويعدها بعض الباحثين أقدم ما دوّن في الحديث النبوي ، لأن أبا هريرة توفي سنة ٥٨ ه ، ومن المؤكد ـ عنده ـ أنها قد دوّنت قبل وفاته. ا ه.
أقول ـ وبالله التوفيق ـ : إنّ قوله : «ومن الأخطاء الشائعة أن الحديث لم يدوّن إلا بعد عمر بن عبد العزيز ...» خطا لا يعول عليه ؛ لأن ما قاله علماء الحديث قاطبة في أولية التدوين هو اصطلاح لهم ، ومرادهم به بداية عهد التدوين الجماعي ، أما الصحيفة الصادقة ، والصحيفة الصحيحة ، فهما من قبيل الكتابة الإفرادية ، وقد وجد في هذه الفترة من منع الكتابة ، ومن أجازها ، فالمسألة بين أخذ ورد ، وبين مد وجزر ، أما في عهد «عمر بن عبد العزيز» فقد استقر الأمر على الكتابة دون منازع ، بأمر الخليفة العادل ، وهاك مزيدا من البيان :
قد اعتبر علماء الحديث تدوين «عمر بن عبد العزيز» أول تدوين للحديث ، وتناقلوا في كتبهم العبارة التالية :
«وأما ابتداء تدوين الحديث فإنه وقع على رأس المائة في خلافة عمر بن عبد العزيز» (٣) أو نحوها.
__________________
(١) «الطبقات الكبرى» ٢ : ٣٧٣.
(٢) توجد نسخة من هذه الصحيفة بدار الكتب المصرية ، رقم ١٩٨١ حديث.
(٣) «تدريب الراوي» ١ : ٩ ، و «قواعد التحديث» ٤٦ ، و «توجيه النظر» ٦.