قلّ ، فإذا توالت هذه التفاوتات كان التفاوت الآخر تفاوتا فاحشا ، بحيث لا يبقى بين الكلامين الأول ، وبين الآخر مناسبة.
ونقل عن «أبي العباس ، أحمد بن يحيى بن ثعلب» : أنه كان يذهب هذا المذهب ، ويقول : إن عامة الألفاظ التي لها نظائر في اللغة إذا تحققتها وجدت كل لفظة منها مختصة بشيء لا تشاركها صاحبتها فيه ، فمن جوز العبارة ببعضها عن البعض لم يسلم عن الزيغ عن المراد ، والذهاب عنه (١).
القول الثاني : مذهب المعنى ، وأقصد بذلك أنه مذهب جواز (٢) الرواية بالمعنى.
وهذا مذهب جمهور السلف والخلف ، فهو المذهب الذي تشهد به أحوال الصحابة ، وقال به «الحسن البصري» ، و «الشعبي» ، و «النخعي» ، و «عمرو بن دينار» (٣) ، و «سفيان الثوري» (٤) ، و «حماد بن زيد» (٥).
وهو مذهب الأئمة الفقهاء الأربعة.
وقال «الرامهرمزيّ» : قد دلّ قول «الشافعي» (٦) في صفة المحدث مع رعاية اتباع اللفظ على أنه يسوغ للمحدث أن يأتي بالمعنى دون اللفظ إذا كان عالما بلغات العرب ، ووجوه خطابها ، بصيرا بالمعاني والفقه ، عالما بما يحيل المعنى ، وما لا يحيله ، فإنه إذا كان بهذه الصفة جاز له نقل اللفظ ، فإنه يحترز بالفهم عن تغيير
__________________
(١) «كشف الأسرار» ٣ : ٥٥.
(٢) هذا الجواز في الجملة ، أي في تجويزه بعض الصور على الخصوص ، لا في تجويزه على العموم. «كشف الأسرار» ٣ : ٥٥.
(٣) «الكفاية» ٣١١ ـ ٣١٢.
(٤) «الكفاية» ٣١٥.
(٥) «الكفاية» ٣١٦.
(٦) انظر «الرسالة» لـ «الشافعي» «الرواية بالمعنى» الفقرات التالية : ٧٤٤ ، ٧٥٧ ، ١٠٠١ ، ١٠١٣ ، ١٠١٥ ، ١٠٣٦ ، ١٠٤٢.