المعاني وإزالة أحكامها ، ومن لم يكن بهذه الصفة كان أداء اللفظ له لازما ، والعدول عن هيئة ما يسمعه عليه محظورا ، وإلى هذا رأيت الفقهاء من أهل العلم يذهبون.
وروى عن «محمد بن مسلم بن مسعدة» ـ وهو من أهل رامهرمز ـ قال :قلت لـ «محمد بن منصور» ـ قاضي الأهواز ـ في شيء جرى بيني وبينه :ثلاثة يشددون في الحروف ، وثلاثة يرخصون ، فممن رخص فيها : الحسن ، وكان الحسن يقول : يحكي الله ـ تعالى ـ عن القرون السالفة بغير لغاتها ، أفكذب هو!؟ وكان «محمد بن منصور» متكئا ، فاستوى جالسا ، ثم أخذ بمجامع كفه ، وقال : ما أحسن هذا!! أحسن الحسن جدا.
وقال «قتادة» عن «زرارة بن أوفى» : لقيت عدّة من أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فاختلفوا عليّ في اللفظ ، واجتمعوا في المعنى (١).
وروى عن «يحيى بن آدم» قال : سمعت «سفيان الثورى» يقول : إنما نحدثكم بالمعاني.
وروى عن «أبي حمزة» قال : قلت لإبراهيم النخعي : إنا نسمع منك الحديث ، فلا نستطيع أن نجيء به كما سمعناه ، قال : أرأيتك إذا سمعت تعلم أنه حلال من حرام؟ قال : نعم. قال : فهكذا كلّ ما نحدّث. (٢).
وروى «الرامهرمزي» أيضا عن «أبي هشام الرفاعي» قال : سمعت «يزيد بن هارون» وقد قال في حديث رواه في صلاة الصبح ، فقال «المستملي» : صلاة الغداة. فقال «يزيد» : صلاة الفجر.
وروى أن «محمد بن مصعب القرقسانيّ» كان يقول : أيش تشددون على أنفسكم؟! إذا أصبتم المعنى فحسبكم (٣).
__________________
(١) «المحدث الفاصل» ٥٣٠.
(٢) «المحدث الفاصل» ٥٣٥.
(٣) «الكفاية» ٣١٧.