وروى «الخطيب» عن «أبي سعيد» قال : كنا نجلس إلى النبي صلىاللهعليهوسلم عسى أن نكون عشرة نفر ، نسمع الحديث ، فما منا اثنان يؤديانه ، غير أن المعنى واحد (١).
وروى «الخطيب» عن «علي بن خشرم» يقول : كان «ابن عيينة» يحدثنا ، فإذا سئل عنه بعد ذلك حدثنا بغير لفظه الأول ، والمعنى واحد (٢).
قال «الخطابي» : إنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعث مبلغا ومعلّما ، فهو لا يزال في كل مقام يقومه ، وموطن يشهده ، يأمر بمعروف ، وينهى عن منكر ، ويشرع في حادثة ، ويفتي في نازلة ، والأسماع إليه مصغية ، والقلوب لما يرد عليها من قوله واعية ، وقد يختلف عنها عباراته ، ويتكرر فيها بيانه ، ليكون أوقع للسامعين ، وأقرب إلى فهم من كان منهم أقل فقها ، وأقرب بالإسلام عهدا ، وأولو الحفظ والإتقان من فقهاء ، الصحابة يوعونها كلها سمعا ، ويستوفونها حفظا ، ويؤدونها على اختلاف جهاتها ، فتجمع لك لذلك في القضية الواحدة عدة ألفاظ ، تحتها معنى واحد ، وذلك كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الولد للفراش ، وللعاهر الحجر» (٣) ، وفي رواية اخرى : «وللعاهر الأثلب» ، وقد مر بمسامعي ولم يثبت عندي : «وللعاهر الكثكث».
وقد يتكلم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في بعض النوازل ، بحضرته أخلاط من الناس ، قبائلهم شتى ، ولغتهم مختلفة ، ومراتبهم في الحفظ والإتقان غير متساوية ، وليس كلهم يتيسر
__________________
(١) «الكفاية» ٣٠٩ ـ ٣١٠.
(٢) «الكفاية» ٣١٦.
(٣) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الفرائض ـ باب الولد للفراش) ٨ : ٩ ، و «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب الرضاع ـ باب الولد للفراش) ٤ : ١٧١ ، و «النسائي» في «سننه» في (كتاب الطلاق ـ باب إلحاق الولد بالفراش) ٦ ١٨٠ ، و «أبو داود» في «سننه» في (كتاب الطلاق ـ باب الولد للفراش) ٢ : ١٨٢. وانظر «نصب الراية» في (باب الرجعة) ٢ :
٢٣٦ ، و «مجمع الزوائد» في (باب الولد للفراش) ٥ : ١٣. وجاء في «فتح الباري» ١٢ : ٣٧ :أخرج «أبو أحمد الحاكم» من حديث «زيد بن أرقم» رفعه : «الولد للفراش وفي فم العاهر الحجر» ، و «ابن حبان» من حديث «ابن عمر» : «الولد للفراش ، وبفي العاهر الأثلب». ا ه
اللغويات : الفراش : المستفرشة. العاهر : الزاني ، وقال «النووي» : ومعنى وللعاهر الحجر ، أي :
له الخيبة ولا حقّ له في الولد ، ولا يراد بالحجر هنا معنى الرجم ، لأنه ليس كلّ زان يرجم ، الأثلب : قيل : الحجر ، وقيل : دقاقه ، وقيل : التراب.