وأما ما يكون من جوامع الكلم ، فالنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مخصوص بهذا النظم فلا يقدر أحد على ما كان هو مخصوصا به (١).
القول الثالث : لا تجوز الرواية بالمعنى في حديث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خاصة ، وتجوز في غيره ، يروى ذلك عن «مالك» و «الخليل». روى «الخطيب» عن «مالك بن أنس» أنه قال : كل حديث للنبي صلىاللهعليهوسلم يؤدّى على لفظه ، وعلى ما روي ، وما كان عن غيره فلا بأس إذا أصاب المعنى (٢).
القول الرابع : لا تجوز الرواية بالمعنى لغير الصحابة والتابعين ، وتجوز لهم ، لأن الحديث إذا قيده الإسناد وجب ألّا يختلف لفظه فيدخله الكذب (٣).
القول الخامس : لا تجوز الرواية بالمعنى لغير الصحابة خاصة ، لظهور الخلل في اللسان بالنسبة لمن جاء بعدهم ، بخلاف الصحابة ، فهم أرباب اللسان ، وأعلم الخلق بالكلام. حكاه «الماوردي» و «الروياني» في (باب القضاء) ، بل جزما بأنه لا يجوز لغير الصحابي ، وجعلا الخلاف في الصحابي دون غيره (٤).
وبه جزم «ابن العربي» في «أحكام القرآن» قال : لأنا لو جوزناه لكل أحد لما كنّا على ثقة من الأخذ بالحديث ، والصحابة اجتمع فيهم أمران :الفصاحة ، والبلاغة جبلّة ، ومشاهدة أقوال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ؛ فأفادتهم المشاهدة عقل المعنى جملة ، واستيفاء المقصود كله (٥).
القول السادس : وهو قول «الماورديّ» في «الحاوي» : إن كان الراوي
__________________
(١) «أصول السرخسي» ١ : ٣٥٥ ـ ٣٥٧ بتصرف ، انظر الأمثلة التطبيقية على ذلك : «كشف الأسرار» ٣ : ٥٥.
(٢) «الكفاية» ٢٨٨ ، و «فتح المغيث» ٢ : ٢١٥ ، و «تدريب الراوي» ٢ : ١٠١.
(٣) «فتح المغيث» ٢ : ٢١٥.
(٤) «فتح المغيث» ٢ : ٢١٥.
(٥) انظر «تدريب الراوي» ٢ : ١٠١.