ذاكرا اللفظ الذي سمعه لم يجز أن يغيّره ، وإن لم يكن ذاكرا إياه ـ بأن نسيه ـ جاز ؛ لأنه تحمّل اللفظ والمعنى ، وقد عجز عن أداء أحدهما فيلزمه أداء الآخر ، ولا سيما أنّ تركه قد يكون كتما للأحكام (١).
القول السابع : يجوز المعنى لمن يحفظ اللفظ ، ليتمكّن من التصرّف فيه ، دون من نسيه (٢).
القول الثامن : لا تجوز الرواية والتبليغ بالمعنى خاصة ، بخلاف الإفتاء والمناظرة (٣). وهو مذهب «ابن حزم» ، وقد قال : حكم الخبر عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يورد بنص لفظه ، لا يبدّل ولا يغير إلا في حال واحدة ، وهي أن يكون المرء قد تثبّت فيه ، وعرف معناه يقينا ، فيسأل فيفتى بمعناه وموجبه ، فيقول : حكم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بكذا ، وحرّم كذا ، والواجب في هذه القضية ما صح عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو كذا.
وأما من حدّث وأسند القول إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقصد التبليغ لما بلغه عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فلا يحل له إلا أن يتحرى الألفاظ كما سمعها لا يبدل حرفا مكان آخر ، وإن كان معناهما واحدا ، ولا يقدم حرفا ، ولا يؤخر آخر (٤).
وبرهان ذلك : ما روى «الخطيب» عن «البراء بن عازب» أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : يا براء كيف تقول إذا أخذت مضجعك؟ قال :
قلت : الله ورسوله أعلم. قال : «إذا أويت إلى فراشك طاهرا فتوسد يمينك ، ثم قل : اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ،
__________________
(١) انظر «تدريب الراوي» ٢ : ١٠١.
(٢) انظر «تدريب الراوي» ٢ : ١٠٢.
(٣) «فتح المغيث» ٢ : ٢١٥.
(٤) «الإحكام في أصول الأحكام» ٢٦٠ ـ ٢٦١.