وبنبيك الذي أرسلت» فقلت كما علمني ، غير أني قلت : ورسولك ، فقال بيده في صدري : «ونبيك» فمن قالها من ليلته ثم مات ، مات على الفطرة» (١).
القول التاسع : قال «الغزالي» : «يجوز إبدال لفظ بلفظ آخر ، يرادفه ويساويه في المعنى ، كما يبدل القعود بالجلوس ، والعلم بالمعرفة ، والاستطاعة بالقدرة ، والإبصار بالإحساس بالبصر ، والحظر بالتحريم ، وسائر ما لا يشك فيه. وعلى الجملة ما لا يتطرق إليه تفاوت الاستنباط والفهم ، وإنما ذلك فيما فهمه قطعا لا فيما فهمه بنوع استدلال يختلف فيه الناظرون. وإلى هذا ذهب «الخطيب» (٢).
وقال «الغزالي» أيضا : ويدل على جواز ذلك للعالم الإجماع على جواز شرح الشرع للعجم بلسانهم ، فإذا جاز إبدال العربية بعجمية ترادفها فلأن يجوز عربية بعربية ترادفها وتساويها أولى.
وكذلك كان سفراء رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في البلاد يبلغونهم أوامره بلغتهم ، وكذلك من سمع شهادة الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فله أن يشهد على شهادته بلغة أخرى ، وهذا لأنا نعلم أنه لا تعبد في اللفظ ، وإنما المقصود فهم المعنى ، وإيصاله إلى الخلق ، وليس ذلك كالتشهد والتكبير وما تعبّد فيه باللفظ.
فإن قيل : فقد قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها ، فرب مبلّغ أوعى من سامع ، ورب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».
قلنا : هذا هو الحجة ، لأنه ذكر العلة ، وهو اختلاف الناس في الفقه ، فما لا يختلف الناس فيه من الألفاظ المترادفة فلا يمنع منه ، وهذا الحديث بعينه قد نقل
__________________
(١) «الكفاية» ٢٧٠ ، ٣٠٦ ، و «المحدث الفاصل» ٥٣٢.
والحديث بلفظه أخرجه «الترمذي» في «سننه» في (أبواب الدعوات ـ باب ما جاء في الدعاء إذا أوى إلى فراشه) ٥ : ١٣٥.
وقريبا منه أخرج «البخاريّ» في «صحيحه» في (كتاب التوحيد ـ باب قول الله تعالى : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ ...)) ٨ : ١٩٦.
(٢) «الكفاية» ٣٠٠ ، و «المستصفى» ١ : ١٦٨.