واختار «الخطيب» وجوب نقل الرواية على التمام ، وحرمة الحذف إن كان فيما حذف منها معرفة حكم وشرط وأمر. لا يتم التعبد والمراد بهذا الخبر إلا بروايته على وجهه (١). وعلى هذا الوجه يحمل قول من قال : لا يحل اختصار الحديث.
وروى «الخطيب» عن «مالك» أنه كان لا يرى أن يختصر الحديث إذا كان عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
وسئل «أبو عاصم النبيل» عن اختصار الحديث ، فقال : نعم يكره ، لأنهم يخطئون المعنى (٢).
كما ذهب «الخطيب» إلى جواز رواية الحديث على النقصان ، وحذف بعضه إن كان المتروك من الخبر متضمنا لعبادة أخرى ، وأمرا لا تعلق له بمتضمن البعض الذي رواه ولا شرطا فيه ، لأن الذي تركه ـ والحالة هذه ـ بمنزلة عبارتين منفصلتين ، أو سيرتين ، أو قضيتين لا تعلّق لأحدهما بالأخرى ...
وكان «سفيان الثوري» يروي الأحاديث على الاختصار لمن قد رواها له على التمام ، لأنه كان يعلم منهم الحفظ لها ، والمعرفة بها (٣).
وقال «الخطيب» : إن كان النقصان من الحديث شيئا لا يتغير به المعنى ، كحذف بعض الحروف والألفاظ ، والراوي عالم واع محصل لما يغير المعنى ، وما لا يغيره من الزيادة والنقصان فإن ذلك سائغ له ، على قول من أجاز الرواية على المعنى دون من لم يجز ذلك (٤).
__________________
(١) «الكفاية» ٢٩٠ ، وفيه : لا فرق بين أن يكون ذلك تركا لنقل العبادة ، كنقل بعض أفعال الصلاة ، أو تركا لنقل فرض آخر هو الشرط في صحة العبارة ، كترك نقل وجوب الطهارة ونحوها.
(٢) «الكفاية» ٢٩١.
(٣) انظر «الكفاية» ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، و «المحدث الفاصل» ٥٤٣ ، و «مقدمة ابن الصلاح» ٣٣٤ ، و «توضيح الأفكار» ٢ : ٣٩٢ ، و «تدريب الراوي» ٢ : ١٠٤.
(٤) «الكفاية» ٢٩٢.