المسألة الثالثة :
حكم تقطيع متن الحديث الواحد وتفريقه في الأبواب
يجوز تفريق المتن الواحد في موضعين ، إذا كان متضحا لحكمين. ويجوز إذا كان المتن متضمنا لعبادات وأحكام لا تعلق لبعضها ببعض ، فإنه بمثابة الأحاديث المنفصل بعضها من بعض ، ويجوز تقطيعه. وقد فعله «مالك» و «البخاري» (١) وغير واحد من أئمة الحديث ، كـ «أبي داود» و «النسائي» (٢).
روى «الخطيب» أن أبا الحارث قال : رأيت أبا عبد الله ـ يعني أحمد ابن حنبل ـ قد أخرج أحاديث ، وأخرج حاجته من الحديث ، وترك الباقي يخرج من أول الحديث شيئا ، ومن آخره شيئا ، ويدع الباقي (٣).
وروى أيضا أن «إسحاق بن إبراهيم» ، قال : سألت أبا عبد الله عن الرجل يسمع الحديث ، وهو إسناد واحد ، فيجعله ثلاثة أحاديث؟ قال : لا يلزمه كذب ، وينبغي أن يحدث بالحديث كما سمع ، ولا يغيره (٤).
__________________
(١) وفي «محاسن البلقيني» : وما تقدم من صنيع «البخاري» لم يفعله «مسلم» ، بل يسوق الحديث بتمامه ولا يقطعه. وذلك من جملة أسباب ترجيحه عند جماعة.
(٢) انظر «الكفاية» ٢٩٤ ، و «مقدمة ابن الصلاح» ٣٣٦.
(٣) «الكفاية» ٢٩٤.
(٤) «الكفاية» ٢٩٥.