قال أبو بكر : يقال : سمعت جرس الطير ، إذا سمعت صوت منقاره على شيء يأكله ، وسميت النحل جوارس من هذا ، لأنها تجرس الشجر ، أي : تأكل منه ، والجرس الصوت الخفي ، واشتقاق الجرس من الصوت والحس (١).
وروي عن «جابر بن عبد الله» ، قال قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إذا أرفت الحدود فلا شفعة» فقال لي «الطبري» : سمعت أبا محمد الباقي يقول :
ذكر لنا أبو القاسم الداركي ـ شيخ الشافعية ـ هذا الحديث في تدريسه في كتاب الشفعة ، فقال : إذا أزفت الحدود ، فسألت «ابن جني» النحوي عن هذه الكلمة ، فلم يعرفها ، ولا وقف على صحتها. فسألت «المعافى بن زكريا» عن الحديث ، وذكرت له طرفه ، فلم أستتم المسألة حتى قال : إذا أرفت الحدود ، والأرف : المعالم ، يريد إذا بينت الحدود ، وعينت المعالم ، وميزت ، فلا شفعة (٢).
وقال «السخاوي» : سئل «أحمد» عن حرف فقال : اسألوا عنه أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالظن (٣).
وعن «ابن راهويه» (٤) أنه كان إذا شك في الكلمة يقول : أهاهنا فلان ، كيف هذه الكلمة؟ وسمع «سعيد بن شيبان» ـ وكان عالما بالعربية ـ «ابن عيينة» ، وهو يقول : «تعلق من ثمار الجنة» بفتح اللام ، فقال له : «تعلق» يعني : بضمها ، من علق ، يعني : بفتح اللام ، فرجع «ابن عيينة» إليه (٥).
__________________
(١) «الكفاية» ٣٧٥.
(٢) «الكفاية» ٣٧٦ ، و «فتح المغيث» ٢ : ٢٤٣.
(٣) وهذا لا يدل على عدم خبرته في اللغة ، ولكنه يريد أن يعطينا درسا في التثبت والضبط. ففي «المنهج الأحمد في تراجم أصحاب أحمد» ١ : ٥ : قال «المروزي» : كان «أبو عبد الله» لا يلحن في الكلام ، ولمّا نوظر بين يدي الخليفة كان يقول : كيف أقول ما لم يقل؟! ولم يلحن في كلمة في تلك الثلاثة الأيام التي نوظر فيها. وقال «أحمد» : كتبت من العربية أكثر ممّا كتب «أبو عمرو بن العلاء» ، وكان يسأل عن ألفاظ من اللغة تتعلّق بالتفسير والأخبار فيجيب عن ذلك بأوضح جواب ، وأفصح عبارة.
(٤) تضبط «راهويه» براء ، وهاء وواو مفتوحتين ، وسكون ياء ، وكسر هاء ثانية ، على الأشهر. ويقال : بضم هاء وفتح تحتيه. «المغني» ١٠٨.
(٥) «فتح المغيث» ٢ : ٢٤٢ ـ ٢٤٣.