وهو قد يكون بالزيادة فيه ، والنقص منه ، وقد يكون بتبديل بعض كلماته ، وقد يكون بحمله على غير المراد منه. فالتحريف أعم من التصحيف (١).
موقف العلماء من اللحن أو التصحيف في الحديث :
إذا وقع في الرواية لحن أو تصحيف ، فقد اختلف العلماء فيما يفعله حينئذ :
أـ فمنهم من يرويه على الخطأ كما سمعه (٢) ، كـ «محمد بن سيرين» ، و «أبي معمر عبد الله بن سخبرة» ، و «أبي عبيد القاسم بن سلام» ، و «رجاء بن حيوة» ، و «نافع» ـ مولى عبد الله بن عمر ـ و «أبي الضحى : مسلم بن صبيح».
وقال «السخاوي» : قيل : وهو اختيار «العز بن عبد السّلام» كما حكاه عنه صاحبه «ابن دقيق العيد» في «الاقتراح» : إنه يترك روايته إياه عن ذا الشيخ مطلقا ؛ لأنه إن تبعه فيه ، فالنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يلحن ، وإن رواه عنه على الصواب فهو لم يسمعه منه كذلك (٣).
ب ـ ومنهم من يرويه على الصواب ، ولا سيما في اللحن الذي لا يختلف المعنى به (٤). كـ «ابن المبارك» ، و «الأوزاعي» ، و «الشعبي» و «القاسم
__________________
(١) «توجيه النظر» ٣٦٥. وانظر «كلمة عن التصحيف والتحريف» في مقدمة تحقيق الدكتور محمود أحمد ميرة لكتاب «تصحيفات المحدثين» لـ «العسكري» وقد قال في آخر الكلمة : ولعلّ هذه النّظرة السريعة تبلّ غلّة الصادي ، وتلقي ظلالا على معنى «التصحيف والتحريف» فتوضّح المراد منهما ، أو تقربه.
(٢) قال «ابن الصلاح» في «مقدمته» ٢٣٨ ـ ٢٤٠ : وهذا غلوّ في اتباع اللفظ ، والمنع من الرواية بالمعنى.
(٣) «فتح المغيث» ٢ : ٢٣٤.
(٤) قال «ابن الصلاح» في «مقدمته» ٢٣٨ ـ ٢٤٠ :
وهو مذهب المحصّلين والعلماء من المحدثين ، والقول به في اللحن الذي لا يختلف به المعنى وأمثاله ، لازم على مذهب تجويز رواية الحديث بالمعنى ، وقد سبق أنه قول الأكثرية. وفي «محاسن البلقيني» ٢٣٨ : ذكر «ابن أبي خيثمة» سئل «الشعبي ، وأبو جعفر محمد بن علي بن حسين ، وعطاء ، والقاسم» عن الرجل يحدّث بالحديث فيلحن : أأحدث كما سمعت ، أو أعربه؟ فقالوا : لا ، بل أعربه.