المسألة السادسة :
تقويم اللحن بإصلاح الخطأ
إذا كان اللحن يحيل المعنى فلا بد من تغييره ، وكثير من الرواة يحرفون الكلام عن وجهه ، ويزيلون الخطاب عن موضعه ، وليس يلزم من أخذ عمن هذه سبيله أن يحكي لفظه إذا عرف وجه الصواب ، بخلافه إذا كان الحديث معروفا ، ولفظ العرب به ظاهرا معلوما ، ألا ترى أن المحدث لو قال : لا يؤمّ المسافر المقيم ، فنصب «المسافر» ورفع ، «المقيم» كان قد أحال المعنى ، فلا يلزم اتباع لفظه.
قال «الرامهرمزي» : كنا عند «عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان» يوما وهو يحدثنا ، و «أبو العباس بن سريج» حاضر ، فقال عبدان : من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ففتح الياء من قوله «يجب» فقال له «ابن سريج» : إن رأيت أن تقول : يجب ـ بضم الياء ـ ، فأبى «عبدان» أن يقول ، وعجب من صواب «ابن سريج» ، كما عجب «ابن سريج» من خطئه (١).
وروى «الرامهرمزي» عن «حماد بن زيد» قال : كنا عند «أيوب» ، فحدثنا فلحن وعنده «الخليل بن أحمد» فنظر إلى وجهه «الخليل» ، فقال «أيوب» : أستغفر الله (٢).
وروى عن «محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان» قال : إذا سمعت الحديث فيه اللحن والخطأ فلا تحدّث إلا بالصواب ، إنهم لم يكونوا يلحنون.
وروى عن «عاصم» قال : ما رأيت أحدا كان أعرب من «زر بن حبيش» كان «ابن مسعود» يسأله (٣).
__________________
(١) «المحدث الفاصل» ٥٢٧ ، و «الكفاية» ٢٨٧.
(٢) «المحدث الفاصل» ٥٢٥.
(٣) «المحدث الفاصل» ٥٢٦ ، و «زر بن حبيش» هو أبو مريم بن حباشة بن أوس الأسدي الكوفي ، أحد أعلام التابعين المخضرمين ، أدرك الجاهلية والإسلام ، ولم ير النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، توفي سنة (٨٣ ه) ، وله (١٢٧) سنة ، أخرج له الستّة. انظر «تقريب التهذيب» ١ : ٢٥٩.