المسألة السابعة :
اتباع المحدث على لفظه وإن خالف اللغة الفصيحة
ذكر «ابن الصلاح» أن كثيرا ما نرى ما يتوهمه كثير من أهل العلم خطا وربما غيروه ، صوابا ، ذا وجه صحيح ، وإن خفي واستغرب ، ولا سيما فيما يعدونه خطأ من جهة العربية ، وذلك لكثرة لغات العرب وتشعّبها.
هذا «أبو الوليد ، هشام بن أحمد الكناني الوقشي» مع تقدمه في اللغة ، وكثرة مطالعته ، وافتنانه ، وثقوب فهمه ، وحدّة ذهنه ، جسر على الإصلاح كثيرا ، وغلط في أشياء من ذلك. وكذلك غيره ممن سلك مسلكه (١).
ولا سيما وقد قال «أبو عبيد القاسم بن سلام» ـ ٢٢٤ ه : لأهل الحديث لغة ، ولأهل العربية لغة ، ولغة أهل العربية أقيس ، ولا نجد بدا من اتباع لغة أهل الحديث من أجل السماع (٢).
وقال «ابن الصلاح» : أخبرني بعض أشياخنا عمن أخبره عن «القاضي الحافظ عياض» بما معناه ، أن الذي عليه استمر عمل أكثر الأشياخ أن ينقلوا الراوية كما وصلت إليهم ولا يغيروها في كتبهم ، حتى في أحرف من القرآن ، استمرت الرواية فيها في الكتب على خلاف التلاوة المجمع عليها ، ومن غير أن يجيء ذلك في الشواذ. ومن ذلك ما وقع في (الصحيحين والموطأ) وغيرها.
__________________
(١) «مقدمة ابن الصلاح» ٣٤٠ ، و «فتح المغيث» ٢ : ١٧٨ ، ٢٣٧.
(٢) «الكفاية» ٢٨٠ ، و «فتح المغيث» ٢ : ٢٣٧ ، وفي «الكفاية» ٣٩٩ عن علي بن المديني ، ذكر وكيعا واللحن ، فقال : كان وكيع يلحن ، ولو حدثت عنه بألفاظه لكان عجبا ، كان يقول : حدثنا مسعر عن عيشة.
وعن هشيم قال : كان إسماعيل بن أبي خالد ـ وقد لقي أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فاحش اللحن ، كان يقول : حدثني فلان عن أبوه.