وضع معجم تأريخي لهذا الفن الذي لم ينضج ولم يحترق ، وهو معجم يقوم على ترتيب الانواع ترتيبا هجائيا لتسهل مراجعة النوع وجمع أجزائه في مادة واحدة ، والاشارة اليها إذا جاءت منفردة ، وجمع الآراء المختلفة في الفن الواحد ، لتسهل معرفة أول من بحث فيه ، وينتفع مؤرخ البلاغة ومن تعنيه المقارنة بين الفنون عند العرب وغيرهم من الاقوام كالفرس واليونان والهنود الذين قيل إنّ لهم أثرا كبيرا في نشأة البلاغة العربية وتطورها ، وما هو بالأثر الكبير حينما يرجع الباحث الى هذا المعجم ويرى نشأة الفن وتطوره خلال القرون ، وارتباط مصطلحات البلاغة ، بالمتقدمين منذ عهد الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ واللغويين والنحاة الأوائل كالخليل بن احمد وسيبويه والاصمعي وأبي عبيدة والفراء وغيرهم ممن لم يدرسوا بلاغة أرسطو ، أو يقرأوا صحف الفرس والهنود.
ويذهب «معجم المصطلحات البلاغية وتطورها» الى أبعد من ذلك ، فهو يقدّم للدارسين معرفة الجديد عند البلاغيين ويذكر مدى تأثر اللاحقين بالسابقين ، وتقريب فنون البلاغة وربطها بالنصوص لتكون نافعة لمن يريد أن يكتشف بنفسه هذا الفن قبل أن يرجع الى المظان ويسبر غورها ويقف على الأساليب. ولن يكون نفعه للمحققين بأقلّ من ذلك ، لأنّه يقدّم الفن البلاغي خلال العصور المختلفة ويرصد التطور التأريخي ، وبذلك تسهل المراجعة وتكثر الفائدة من المصادر التي استقى المعجم منها مادته ، وهي مصادر كثيرة يتصل بعضها بالبلاغة والنقد ، ويرتبط بعضها بكتب الأدب والنوادر. وليس ذلك بقليل لمن يريد أن يكسب من الوقت ساعات يقضيها في النظر والتأمل والتدقيق والحكم.
تلك خطة التنسيق وذلك منهج التأليف ، فان أصاب «معجم المصطلحات البلاغية وتطورها» هدفه الذي من أجله وضع فذلك خير من الله ، وإن لم يحقق من الهدف شيئا فعسى أن يحرك الهمم ويدفع الباحثين الى رصد فنون البلاغة وتقديمها في معجم تأريخي يكون واحدا مما يطمح اليه المخلصون لأمتهم ولغة كتابهم العزيز. وحسب «معجم المصطلحات البلاغية وتطورها» أنّه كان أول خطوة في هذا المضمار وأنّه اتسع لألف مصطلح ومائة استنفدت عشرة أعوام لجمعها من المظان ، وأنه أول نواة بلاغية تقدّم للدارسين ولمن سيضع معجم اللغة العربية ، ذلك المعجم الذي لن يتم تنفيذه قبل أن توضع معجمات الفنون والعلوم ، وتحدد المصطلحات والتعريفات. ولعلّ «معجم المصطلحات البلاغية وتطورها» بعد أن يوجّه ويضاف اليه ، يكون نواة لذلك المعجم الكبير. ومن الله العون والتوفيق.
الجمعة في الخامس عشر من أيار ١٩٨١ م الحادي عشر من رجب ١٤٠١ ه
|
الدكتور أحمد مطلوب كلية الآداب ـ جامعة بغداد |