الإسناد الخبريّ :
الاسناد الخبري : ضم كلمة أو ما يجري مجراها الى أخرى بحيث يفيد أنّ مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفي عنه. وصدقه مطابقته للواقع وكذبه عدمها ، وقيل : صدقه مطابقته للاعتقاد وكذبه عدمها (١).
وقد أقام عليه البلاغيون المتأخرون مباحث الخبر وأغراضه وانواعه (٢) ، ولم يتحدثوا عن الاسناد الانشائي وقد علل السبكي ذلك بقوله : «والذي عندي في ذلك أنّ حقيقة الاسناد في الانشاء لا يتحقق إلّا بتوسع وذلك لأنّ الاسناد نسبة دائرة بين المنتسبين» (٣). وهذا صحيح ، لأنّ الاسناد واحد وهو تعليق خبر بمخبر عنه أو مسند بمسند اليه ، ولذلك يجري على الانشاء ، وكان القزويني قد قال : «ما ذكرناه في الابواب الخمسة السابقة ليس كله مختصا بالخبر بل كثير منه حكم الانشاء فيه حكم الخبر» (٤).
الإسهاب :
أسهب الرجل : أكثر الكلام فهو مسهب ـ بفتح الهاء ـ ولا يقال بكسرها وهو نادر. وقال أبو علي البغدادي : رجل مسهب ـ بالفتح ـ إذا أكثر الكلام في الخطأ فان كان ذلك في صواب فهو مسهب ـ بالكسر ـ لا غير (٥).
قال الجاحظ : «قال أبو الحسن قيل لا ياس : ما فيك عيب إلا كثرة الكلام. قال : فتسمعون صوابا أم خطأ؟
قالوا : لا بل صوابا. قال : فالزيادة من الخير خير. وليس كما قال ، للكلام غاية ولنشاط السامعين نهاية ، وما فضل على قدر الاحتمال ودعا الى الاستثقال والملال فذلك الفاضل هو الهذر ، وهو الخطل ، وهو الاسهاب الذي سمعت الحكماء يعيبونه» (٦). وذكر أنّهم كانوا يكرهون السلاطة والهذر والتكلف والاسهاب والاكثار لما في ذلك من التزيّد والمباهاة (٧). وذكر أنّ ناسا قالوا لابن عمر : ادع الله لنا بدعوات. فقال : «اللهمّ ارحمنا وعافنا وارزقنا».
فقالوا : لو زدتنا يا أبا عبد الرحمن. قال : نعوذ بالله من الاسهاب» (٨).
ويتضح أنّ الجاحظ يريد الاسهاب المتكلف ، أما الذي يوجبه المقام فذلك محمود ، قال : «فأما ما ذكرتم من الاسهاب والتكلف والخطل والتزيد فانما يخرج الى الاسهاب المتكلف والى الخطل المتزيد» (٩) ، وقال : «ووجدنا الناس إذا خطبوا في الصلح بين العشائر أطالوا ، واذا أنشدوا بين السماطين في مديح الملوك أطالوا ، وللاطالة موضع وليس ذلك بخطل ، وللاقلال موضع وليس ذلك من عجز» (١٠).
وهذا ما ذهب اليه ابن منقذ حينما تحدث عن الاسهاب والاطناب والاختصار والاقتصار ، وقال : «اعلم أنّ كل واحد من هذه الأقسام له موضع يأتي فيه فيحمد ، فان أتى في غيره لم يحمد. فان كان في الترغيب والترهيب والاصلاح بين العشائر والاعذار والانذار الى الأعداء والعساكر وما أشبه ذلك فيستحب فيه التطويل والشرح ، وأما غير
__________________
(١) التعريفات ص ١٧.
(٢) مفتاح العلوم ص ٧٩ ، الايضاح ص ١٧ ، التلخيص ص ٤٠ ، شروح التلخيص ج ١ ص ١٩٠ المطول ص ٤٣ ، الأطول ج ١ ص ٥٢ ، التبيان في البيان ص ٣٧.
(٣) عروس الأفراح ج ١ ص ١٩١.
(٤) الايضاح ص ١٤٧ ، التلخيص ص ١٧٤ ، شروح التلخيص ج ٢ ص ٣٤٠ ، المطول ص ٢٤٦ ، الأطول ج ١ ص ٢٥٣.
(٥) اللسان (سهب).
(٦) البيان ج ١ ص ٩٩.
(٧) البيان ج ١ ص ١٩١.
(٨) البيان ج ١ ص ١٩٦.
(٩) البيان ج ١ ص ٢٠١.
(١٠) الحيوان ج ١ ص ٩٢ ـ ٩٣.