الثاني : وهو على ضربين :
أحدهما : ما يوجد في الطباع من تشبيه الجاهل وبالثور والحمار ؛ والحسن بالشمس والقمر.
والاخر : ضرب كان مخترعا ثم كثر حتى استوى فيه الناس وتواطأ عليه الشعراء آخرا عن أول (١).
ولم يخرج البلاغيون عما تقدم مما ذكره ابن رشيق والحاتمي فقد قسمه المصري الى معنوي ولفظي ، وفرّق بين الاشتراك اللفظي والإيضاح بقوله : «إنّ الاشتراك في الالفاظ والايضاح في المعاني» (٢).
وتبعهم الحلبي والنويري والسيوطي (٣) وسماه الحموي والمدني «المشاركة» (٤) ولخصا كلام السابقين.
الاشتغال :
الاشتغال من اشتغل واشتغل فلان بأمره فهو مشتغل (٥). والاشتغال عند النحاة هو «أن يسبق اسم عاملا مشتغلا عنه بضميره ، أو ملابسه لو تفرغ له هو أو مناسبه لنصبه لفظا أو محلا فيضمر للاسم السابق عند نصبه عامل مناسب للعامل الظاهر مفسر به» (٦).
ولا يريد البلاغيون ذلك وأنما نظروا اليه من حيث المعنى فقال الزركشي : «إن الشيء اذا أضمر ثم فسر كان أفخم مما اذا لم يتقدم اضمار. ألا ترى أنّك تجد اهتزازا في قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ)(٧) وفي قوله : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي)(٨) ونظائره. فهذه فائدة اشتغال الفعل عن المفعول بضميره» (٩).
الاشتقاق :
اشتقاق الشيء : بنيانه من المرتجل واشتقاق الكلام : الأخذ فيه يمينا وشمالا واشتقاق الحرف من الحرف : أخذه منه (١٠). والاشتقاق : «نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنى وتركيبا ومغايرتهما في الصيغة» (١١). وقسموا الانشقاق الى :
١ ـ الاشتقاق الصغير : وهو أن يكون بين اللفظين تناسب في الحروف والترتيب نحو «ضرب» من الضرب.
٢ ـ الاشتقاق الكبير : وهو أن يكون اللفظين تناسب في اللفظ والمعنى دون الترتيب نحو «جبذ» من الجذب.
٣ ـ الاشتقاق الاكبر : وهو أن يكون بين اللفظين تناسب في المخرج نحو «نعق» من النهق (١٢).
وذكر الحموي والسيوطي والمدني (١٣) أنّ الاشتقاق بمعناه البلاغي من مستخرجات أبي هلال العسكري وليس في كتاب الصناعتين هذا المصطلح وأنما هناك «المشتق» الذي قال عنه العسكري في آخر أنواع البديع : «وقد عرض لي بعد نظم هذه الأنواع آخر لم يذكره أحد وسميته المشتق وهو وجهين : فوجه منهما أن يشتق اللفظ من اللفظ ، والآخر أن يشتق المعنى من اللفظ. فاشتقاق اللفظ من اللفظ هو مثل قول الشاعر في رجل يقال له ينخاب :
__________________
(١) العمدة ج ٢ ص ٩٦ وما بعدها ، وينظر كفاية الطالب ص ١٠٤.
(٢) تحرير التحبير ص ٣٤٢.
(٣) حسن التوسل ص ٣١٦ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٧٨ ، شرح عقود الجمان ص ١٣٩ ، شرح الكافية ص ١٧٥.
(٤) خزانة الادب ص ٣٦٥ ، أنوار الربيع ج ٥ ص ٣٢٠ ، نفحات الأزهار ص ٢٨٨.
(٥) اللسان (شغل).
(٦) شرح الاشموني ج ١ ص ١٨٧.
(٧) التوبة ٦.
(٨) الاسراء ١٠٠.
(٩) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٩٠.
(١٠) اللسان (شقق).
(١١) التعريفات ص ٢١.
(١٢) الخصائص ج ١ ص ٥ وما بعدها ، التعريفات ص ٢١.
(١٣) خزانة الادب ص ٣٦٨ ، شرح عقود الجمان ص ١٣٦ ، أنوار الربيع ج ٥ ص ٢٧٦.