وهو أن يجيء بألفاظ يجمعها أصل واحد في اللغة» (١). كالآية السابقة وكقول أبي تمام :
عممت الخلق من نعماك حتى |
غدا الثقلان منها مثقلين |
ثم قال : «هذا الباب أولى بأن يكون من أجناس التجنيس» وهو ما ذهب اليه ابن الاثير قبل ذلك.
الإشراف :
يقال : أشرف لك الشيء : أمكنك وشارف الشيء دنا منه وقارب أن يظفر به (٢). وقال ابن شيث القرشي : «هو أن ينظر الى القافية فيشرف عليها بخاطره ويبني الأمر عليها فانّ ذلك أهون عليه فيما يكتبه ولا يدور على القافية فيطول عليه الكلام فكأنها وإن كانت آخر الكلام مبتدؤه في النفس وهو قول بعضهم «أول الفكرة آخر العمل» (٣).
إصابة المقدار :
يقال : أصاب أي جاء بالصواب وأصاب السهم القرطاس إذا لم يخطئ (٤) وذكره الجاحظ فقال : «قال طرفة في المقدار واصابته :
فسقى ديارك ـ غير مفسدها ـ |
صوب الغمام وديمة تهمي |
طلب الغيث على قدر الحاجة لأنّ الفاضل ضار» (٥).
وسماه ابن المعتز «الاعتراض» وقال عنه : «ومن محاسن الكلام أيضا والشعر اعتراض كلام في كلام لم يتم معناه ثم يعود اليه فيتممه في بيت واحد (٦) كقول كثيّر :
لو انّ الباخلين ـ وأنت منهم ـ |
رأوك تعلّموا منك المطالا |
وسماه الحموي «الاحتراس» (٧) وذكر بيت طرفة السابق ، وتسمية الجاحظ طريفة لأنّها تدلّ على المعنى دلالة واضحة.
الاصطراف :
الصّرف : ردّ الشيء عن وجهه والصّرف : التّقلّب والحيلة ، يقال : فلان يصرف ويتصرّف ويصطرف لعياله أي يكتسب لهم واصطرف في طلب الكسب ، قال العجّاج :
قد يكسب المال الهدان الجافي |
بغير ماعصف ولا اصطراف (٨) |
وقال الحاتمي : «الاصطراف هو صرف الشاعر الى أبياته وقصيدته بيتا أو بيتين أو ثلاثة لغيره فيضيفها الى نفسه ويصرفها عن قائلها وكان كثيّر كثيرا ما يصطرف شعر جميل الى نفسه ويهتدمه» (٩).
وقال ابن رشيق : «الاصطراف أن يعجب الشاعر ببيت من الشعر فيصرفه الى نفسه فان صرفه اليه على جهة المثل فهو اجتلاب واستلحاق ، وإن ادّعاه جملة فهو انتحال ... أما الاصطراف فيقع من الشعر على نوعين :
أحدهما : الاجتلاب ، وهو الاستلحاق أيضا.
والآخر : الانتحال.
فأما الاجتلاب فنحو قول النابغة الذبياني :
وصهباء لا تخفي القذى وهو دونها |
تصفّق في راووقها حين تقطب |
تمززّتها والديك يدعو صباحه إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا فاستلحق البيت الأخير فقال :
واجانة ريّا السرور كأنها |
اذا غمست فيها الزجاجة كوكب |
__________________
(١) الفوائد ص ٢٢٠.
(٢) اللسان (شرف).
(٣) معالم الكتابة ص ٧٨.
(٤) اللسان (صوب).
(٥) البيان ج ١ ص ٢٢٨.
(٦) البديع ص ٥٩.
(٧) خزانة الأدب ص ٤٥٨.
(٨) اللسان (صرف).
(٩) حلية المحاضرة ج ٢ ص ٦١.