ذكره قدامة وينقل كلامه (١) ويفرق بين الايغال والتذييل والتمكين والتكميل بقوله : «والفرق ظاهر فانّ الايغال لا يكون إلا في الكلمة التي فيها الرويّ وما يتعلق به ؛ وهو أيضا مما يأتي بعد تمام المعنى كالتكميل والتذييل. وأما التمكين فليس له مدخل في هذه الأبواب لأنّه عبارة عن استقرار القافية في مكانها لأنّها لا تزيد معنى البيت بل إذا حذفت نقص معنى البيت لأنّها ممكنة في قواعده. وأما التكميل فانّه وإن أتى بعد تمام المعنى فهو يفارق الايغال والتذييل من وجهين : أحدهما كونه يأتي في الحشو والمقاطع والايغال والتذييل لا يكونان إلا في المقاطع دون الحشو. والايغال والتذييل لا يخرجان عن معنى الكلام المتقدم والتكميل لا بدّ أن يأتي بمعنى يكمل الغرض على التكملة المتقدمة إما تكميلا بديعيا أو تكميلا عروضيا. والتذييل يفارق الايغال لكونه يزيد على الكلمة التي تسمى ايغالا ويستوعب غالبا عجز البيت» (٢).
وكان المصري قد فرّق من قبل بين التتميم والايغال من ثلاثة أوجه : أحدها : أنّ التتميم لا يرد إلا على كلام ناقص شيئا ما إما حسن معنى أو أدب أو ما أشبه ذلك ، والايغال لا يرد إلا على معنى تام من كل وجه.
الثاني : اختصاص الايغال بالمقاطع دون الحشو مراعاة لاشتقاقه لأنّ الموغل في الأرض هو الذي بلغ اقصاها أو قارب بلوغه فلما اختص الايغال بالطرف لم يبق للتتميم إلا الحشو.
الثالث : أنّ الايغال لا بدّ وأن يتضمن معنى من معاني البديع والتتميم قد يتضمن أو لا يتضمن وأكثر ما يتضمن الايغال التشبيه والمبالغة حتى لو قيل : إنّه لا يتعدى هذين الضربين لكان حقا والتتميم يتضمن طورا المبالغة ويتضمن حينا الاحتياط ويأتي مرة غير متضمن شيئا سوى تتميم ذلك المعنى» (٣). وتبعهم المدني غير أنّه ردّ ما ذكره الحموي من التجاذب الذي ينتظم الايغال والتكميل وقال : «ومفهومه أنّه لا فرق بينهما ، وليس كذلك فان الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أنّ التكميل يؤتى به لافادته معنى آخر يكمل المعنى الأول والايغال يؤتى به لافادته نكتة في ذلك المعنى بعينه.
الثاني : أنّ التكميل قد يكون في أثناء الكلام وقد يكون في آخره والايغال لا يكون إلا ختما للكلام» (٤).
الإطناب بالبسط :
هو الاطناب الذي يكون بتكثير الجمل كقوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ)(٥) فقوله : (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) إطناب لأنّ إيمان حملة العرش معلوم وحسّنه إظهار شرف الايمان ترغيبا فيه (٦).
الإطناب بالتّتميم :
قال الحاتمي : «التتميم هو أن يذكر الشاعر معنى فلا يغادر شيئا يتم به ويتكامل معه الاشتقاق إلا أتى به» (٧).
وقال القزويني : «هو أن يؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود بفضلة تفيد نكتة» (٨) كالمبالغة في قوله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ)(٩) ، ومنه
__________________
(١) خزانة الأدب ص ٢٣٤.
(٢) خزانة ص ١١١ ، وينظر تحرير التحبير ص ٣٩١.
(٣) تحرير التحبير ص ٢٤١.
(٤) أنوار الربيع ج ٥ ص ٣٣٥.
(٥) غافر ٧.
(٦) معترك الاقران ج ١ ص ٣٣٣ ، الاتقان ج ٢ ص ٦٤.
(٧) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٥٣ ، وينظر المنزع البديع ص ٣٢٣.
(٨) الايضاح ص ٢٠٥ ، التلخيص ص ٢٣٠ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٣٥ ، المطول ص ٢٩٦ ، الاطول ج ٢ ص ٤٧.
(٩) الانسان ٨.