أحدهما : ما نسبة الله تعالى الى نفسه ونعوذ بالله ممن ينقله إلى نفسه ، كما قيل عن أحد بني مروان إنّه وقّع على مطالعة فيها شكاية من عماله : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ)(١).
والآخر : تضمين آية كريمة في معنى هزل لا يحسن ذكر مثاله (٢). وهذا ما نقله المدني (٣) من شرح بديعية صفي الدين الحلي وذكره السيوطي ايضا (٤).
الاقتدار :
القدر والقدرة والمقدار : القوة ، وقدر عليه يقدر قدرة ، واقتدر فهو قادر وقدير وأقدره الله عليه.
والاقتدار على الشيء : القدرة عليه (٥).
والاقتدار من الفنون التي ابتدعها المصري وقال في تعريفه : «هو أن يبرز المتكلم المعنى الواحد في عدة صور اقتدارا منه على نظم الكلام وتركيبه وعلى صياغة قوالب المعاني والأغراض ، فتارة يأتي به لفظ الاستعارة وطورا يبرزه في صورة الإرداف وآونة يخرجه مخرج الايجاز ، وحينا يأتي به في ألفاظ الحقيقة» (٦). وسماه في «تحرير التحبير» التصرف وعرفه بمثل هذا التعريف (٧). كقول امرئ القيس يصف الليل :
وليل كموج البحر أرخى سدوله |
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي |
|
فقلت له لمّا تمطّى بصلبه |
وأردف أعجازا وناء بكلكل |
فانه ابرز هذا المعنى في لفظ الاستعارة ثم تصرف فيه فأتى به بلفظ الايجاز فقال :
فيا لك من ليل كأنّ نجومه |
بكل مغار الفتل شدّت بيذبل |
ثم تصرّف فيه فأخرجه بلفظ الإرداف فقال :
كأنّ الثر يا علّقت في مصامها |
بأمراس كتّان الى صمّ جندل |
ثم تصرف فيه فعبر عنه بلفظ الحقيقة فقال :
ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي |
بصبح وما إلا صباح منك بأمثل |
قال المصري : «ولا شبهة في أنّ هذا إنّما يأتي من قوة الشاعر وقدرته ، ولذلك أتت قصص القرآن الكريم في صور شتى من البلاغة ما بين الايجاز والاطناب واختلاف معاني الالفاظ» (٨).
ولخّص السيوطي كلام المصري وسار على مذهبه في بحث هذا الفن وسماه الاقتدار (٩).
الاقتسام :
هو افتعال من قولهم «اقتسم اقتساما وقاسم مقاسمة وقاسم قساما إذا حلف» (١٠) وقد أقسم بالله واستقسمه به وقاسمه : حلف له ، وتقاسم القوم.
تحالفوا ، وفسر قوله تعالى : (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ)(١١) بانهم الذين تقاسموا وتحالفوا على كيد الرسول (١٢). وهو في البلاغة «أن يحلف على شيء بما فيه فخر أو مدح أو تعظيم أو تغزل أو زهو أو غير ذلك مما يكون في رشاقة في الكلام وتحسين له» (١٣). وهذا تعريف العلوي ، وذكر من الاقتسام خمسة أمور :
__________________
(١) الغاشية ٢٥ ـ ٢٦.
(٢) خزانة الادب ص ٤٤٢ ، نفحات ص ٢٣٩.
(٣) أنوار الربيع ج ٢ ص ٢١٨.
(٤) شرح عقود الجمان ص ١٦٨.
(٥) اللسان (قدر).
(٦) بديع القرآن ص ٢٨٩.
(٧) تحرير ص ٥٨٢.
(٨) تحرير ص ٥٨٣ ، بديع القرآن ص ٢٩٠.
(٩) معترك الاقران ج ١ ص ٣٨٨ ، الاتقان ج ٢ ص ٨٧.
(١٠) الطراز ج ٣ ص ١٥٣.
(١١) الحجر ٩٠.
(١٢) اللسان (قسم).
(١٣) الطراز ج ٣ ص ١٥٣.