صدر هذا البيت مجتذب من قول المساور بن هند :
أشمّ طوال الساعدين شمردل |
يكاد يساوي غارب الفحل غاربه |
أو من قول زياد بن عبد الله بن قرة حيث يقول :
أشم طوال الساعدين كأنما |
يناط الى جذع طوال حمائله |
وقوله : «نجادا سيفه بلواء» من قول العنبري» (١).
وذكر ابن رشيق الالتقاط والتلفيق ولم يعرفهما وانما اكتفى ببعض أمثلة الحاتمي (٢). وعرّف ابن منقذ الالتقاط بقوله : «وهو ما يتطارحه العلماء والشعراء والكتاب بينهم ، وهو أن يطرح بيت ويولد من كل كلمة منه بيت أو من كلمتين أو ثلاثة أو غير ذلك مثلما ذكر في كتاب الصناعتين التلفيق والالتقاط وهو أن يكون البيت ملفقا من ابيات قبله» (٣). وذكر الأمثلة التي ذكرها الحاتمي وابن رشيق.
الإلجاء :
الالجاء من ألجأ أي أسند ، وألجأه الى الشيء : اضطره اليه. والالجاء : الاضطرار (٤).
وقد عرّفه المصري بقوله : «هو أن تكون صحة الكلام المدخول ظاهره موقوفة على الاتيان فيه بما يبادر الخصم الى ردّه بشيء يلجئه الى الاعتراف بصحته. وملخص تعريفه أن يقال : لكل كلام يرد فيه على المعترض عليه جواب مدخول إذا دخله الخصم به التجأ الى تصحيح الجواب» (٥) ، كقوله تعالى :(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ)(٦) ، قال الله تعالى في جواب هذا القول : (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)(٧) فان للخصم أن يقول : نحن إنّما أردنا القصص والأخبار ونحن نعلم أنّ الأعجمي إذا القى الكلام الى العربي لا يخرجه عن كونه تعلم معانيه من الأعجمي. فظاهر الكلام لا يصلح أن يكون ردا على المشركين فيقال لهم : هب أنّ الأعجمي علمه المعاني فهذه العبارة الهائلة التي قطعت أطماعكم عن الاتيان بمثلها من علمها له؟ أفان كان هو الذي أتى بها من قبل نفسه كما زعمتم فقد أقررتم أنّ رجلا واحدا منكم أتى بهذا المقدار من الكلام الذي هو مائة سورة وأربع عشرة سورة ، وقد عجزتم بأجمعكم ، وكل من تدعونه من دون الله عن الاتيان بأقصر سورة. فان قلتم : إنّ الاعجمي علمه المعاني والالفاظ فهذا أشد عليكم لأنّه إقرار بأنّ رجلا أعجميا قدر على ما بين من الآيات المتضمنة للأخبار والقصص وقد عجزتم عن ثلاث آيات منهن ، يلجئهم ذلك الى الاقرار بأنّه من عند الله.
وقال السبكي : «هو ذكر اعتراض وجواب» (٨) ، ولم يذكر له أمثلة. ويبدو أنّ المصري انفرد بالحديث عن هذا الفن ، لأنّ «الالتجاء والمعاظلة» الذي ذكره ابن منقذ غير ذلك (٩) ، فالالتجاء والمعاظلة ـ كما تقدم ـ هو ما سماه عبد القاهر الاستعارة غير المفيدة ، والإلجاء الذي ذكره المصري والسبكي هو «ذكر اعتراض وجواب».
إلجام الخصم بالحجّة :
يقال : ألجم الفرس أي وضع له اللجام ، وفي الحديث : «من سئل عما يعلمه فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة» ، أي أنّ الممسك عن
__________________
(١) حلية المحاضرة ج ٢ ص ٩١.
(٢) العمدة ج ٢ ص ٢٨٩.
(٣) البديع في نقد الشعر ص ٢٠١.
(٤) اللسان (لجأ).
(٥) بديع القرآن ص ٢٢٦.
(٦) النحل ١٠٣.
(٧) النحل ١٠٣.
(٨) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٠.
(٩) البديع في نقد الشعر ص ١٥٨.