على الوعيد» (١). وقال ابن فارس : «ويكون أمرا والمعنى وعيد» (٢) كقوله تعالى : (فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)(٣) وقوله : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ)(٤). ومنه قول عبيد بن الأبرص :
حتى سقيناهم بكأس مرّة |
فيها المثمّل ناقعا فليشربوا |
ومن الوعيد قول الشاعر :
ارووا عليّ وأرضوا بي رحالكم |
واستسمعوا يا بني ميثاء إنشادي |
|
ما ظنكم ببني ميثاء إن رقدوا |
ليلا وشدّ عليهم حيّة الوادي |
وقد جاء في الحديث الشريف : «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» أي : أنّ الله ـ جلّ ثناؤه ـ مجازيك.
الانتحال :
انتحل فلان شعر فلان أو قول فلان : إذا ادّعاه إنه قائله ، وتنحّله : ادعاه وهو لغيره. ونحل القول ينحله نحلا : نسبه اليه. ونحلته القول أنحله نحلا إذا أضفت اليه قولا قاله غيره وادعيته عليه. ويقال : نحل الشاعر قصيدة إذا نسبت اليه وهي من قيل غيره.
وانتحل فلان كذا وكذا معناه قد ألزمه نفسه وجعله كالملك له (٥).
والانتحال من السرقات عند البلاغيين وهو أن يأخذ الشاعر أبياتا لشاعر آخر وينتحلها لنفسه كقول جرير :
إنّ الذين غدوا بلبك غادروا |
وشلا بعينك لا يزال معينا |
|
غيّضن من عبراتهن وقلن : لي |
ماذا لقيت من الهوى ولقينا |
فان الرواة مجمعون على أنّ البيتين للمعلوط السعدي انتحلها جرير.
وانتحل جرير قول طفيل الغنوي :
ولما التقى الحيان ألقيت العصا |
ومات الهوى لما أصيبت مقاتله |
ولذلك قال الفرزدق :
إن تذكروا كرمي بلؤم أبيكم |
وأوابدي تتنحّلوا الأشعارا (٦) |
الانتقال :
النقل : تحويل الشيء من موضع الى موضع ، يقال :نقله ينقله نقلا فانتقل. والتنقّل : التحوّل (٧).
وكان المصري قد استخرج فنا جديدا سماه «الحيدة والانتقال» وقال عنه : «هو أن يجيب المسؤول بجواب لا يصلح أن يكون جوابا عما سئل عنه أو ينتقل المستدل الى استدلال غير الذي كان آخذا فيه ، وانما يكون هذا بلاغة إذا أتى به المستدل بعد معارضة بما يدلّ على أنّ المعترض لم يفهم استدلاله فينتقل عنه الى استدلال يقطع به الخصم عند فهمه. وقد جاء في الكتاب العزيز من ذلك قوله تعالى حكاية عن الخليل عليهالسلام في قوله للجبّار (٨) : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ)(٩) فقال الجبار : (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ). ثم دعا بانسان فقتله ودعا بمن وجب عليه القتل فأعتقه فلما علم الخليل أنّه لم يفهم معنى الاماتة والاحياء اللذين أرادهما انتقل الى استدلال آخر فقال : (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ)(١٠) فأتاه باستدلال
__________________
(١) المقتضب ج ٢ ص ٨٦.
(٢) الصاحبي ص ١٨٥.
(٣) النحل ٥٥.
(٤) فصلت ٤٠.
(٥) اللسان (نحل).
(٦) حلية المحاضرة ج ٢ ص ٣٠ ، العمدة ج ٢ ص ٢٨٣ ، الرسالة العسجدية ص ٥٣.
(٧) اللسان (نقل).
(٨) الجبار ؛ هو النمروذ بن فالج.
(٩) البقرة ٢٥٨.
(١٠) البقرة ٢٥٨.